التفاسير

< >
عرض

إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ
١
-النصر

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } قيل هذه آخرة سورة نزلت عليه (ص) كما انّ { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } [العلق:1] كانت اولى سورةٍ نزلت عليه، وقيل: نزلت فى حجّة الوداع بمنى، وقيل: عاش (ص) بعدها سنتين، وقيل: مات من سنته، وقال (ص) بعد نزول السّورة: "نعيت الىّ نفسى" ، وروى "انّه بكى العبّاس بعد نزولها فقال: ما يبكيك يا عمّ؟ - قال: نعيت اليك نفسك، قال: انّه لكما تقول" ، واستفادة نعى نفسه (ص) من السّورة تكون من القرائن المنضّمة والحاليّة الّتى تكون بين المتخاطبين وان لم يكن فى اللّفظ ما يدلّ صريحاً عليه، واعلم انّ النّصر والفتح يطلقان بمعناهما المصدرىّ ويراد بهما النّصرة على الاعداء وفتح البلاد، واستعمال المجيء فيهما من باب الاستعارة وتشبيه النّصرة والفتح بالجائى، ويطلقان على نصرة الانسان على اعدائه الباطنة وعلى فتح باب القلب، ويطلقان على معنى حقيقىٍّ هو الملك النّازل على صدر النّبىّ (ص)، وصورة ولىّ الامر النّازلة على صدر السّالك، وكما تكون نصراً من الله على الاعداء الظّاهرة والباطنة تكون فتحاً من الله، وبها تكون الفتح الظّاهر والباطن ويطلقان على النّصر المطلق الّذى لا نصر بعده وهو النّصر فى الخروج من جميع قيود الامكان، والفتح المطلق الّذى هو فتح الغيب المطلق وهو الخروج من مقام الامكان والعروج من مقام الواحديّة الى الاحديّة وهو مقام القدس والتّقديس، ولمّا كان النّصر مضافاً الى الله والفتح مطلقاً كان المراد هذا النّصر وذلك الفتح وقد يستنبط نعى نفسه (ص) من هذا فانّ النّصر المطلق والفتح بهذا المعنى قلّما يكون بدون وقت الارتحال.