التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ
١
مَلِكِ ٱلنَّاسِ
٢
إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ
٣
-الناس

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } لمّا كان الله تعالى شأنه امر نبيّه (ص) بالاستعاذة من الوسواس الصّادر من شياطين الجنّ والانس، وكان ذلك الوسواس لا يتعلّق بغير الانسان النّاسى لذكر الله اضاف الرّبّ الى النّاس وعبّر بالنّاس للاشارة الى انّ ذلك الوسواس لا يكون الاّ للنّاسى، وربّ النّاس هو ربّ الارباب لكن باسمه المحيط بكلّ الاسماء المسخّر لكلّ الارباب وهو ربّ النّوع النّوع الانسانىّ، وهو المعبّر عنه بالرّوح وهو اعظم من جبرئيل وميكائيل ولم يكن مع احدٍ من الانبياء (ع) وكان مع محمّد (ص) ومرتبته فوق الامكان وتحت الوجوب وهى مقام علويّة علىٍّ (ع) والمعنى يا محمّد (ص) اخبر عن استعاذتك بالله وانشئها بلسان قالك وبلسان حالك، ولمّا كان استعاذتك من شرّ الوسواس وليس يظهر ذلك الاّ فى مظهر النّاس سواء كان بلسان النّاس او بلسان الجنّ فى صدر النّاس كان ينبغى لك الاستعاذة بربّ النّاس مخصوصاً بخلاف استعاذتك فى السّورة السّابقة، ولمّا كان يظهر اوّل الامر آثار ربوبيّته للسّالك بالتّنقيص والتّكميل والخذلان والجبران بالغفران امر نبيّه (ص) بان يعبّر عنه اوّلاً بعنوان الرّبوبيّة وابدل عنه قوله { مَلِكِ ٱلنَّاسِ } اشعاراً بانّه تعالى فى ثانى الاحوال يظهر على السّالك ملكيّته ومالكيّته لكلّ الاشياء، وذلك بعد الفناء التّامّ والتّقوى التّامّة وابدل عنه آخراً قوله { إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } للاشارة الى انّه تعالى بعد فناء العبد وبقائه بعد الفناء يصير معبوداً للعبد، وامّا قبل ذلك فمعبوده يكون اسماً من اسمائه واظهر النّاس مع انّ المقام كان مقام الاضمار اشعاراً بذمّه على نسيانه بفطرته مع انّه لا ينبغى ان يكون ناسياً لربّه الموصوف بتلك الاوصاف الثّلاثة.