التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ
٦٧
وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٦٨
-يوسف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } لمّا علم انّ الملك واعوانه عرفوهم وعلموا انّهم بنوابٍ واحدٍ خاف عليهم العين فوصّيهم بحسب البشريّة بالتّدبير له فى العين { وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ } ولمّا لم يعتمد على تدبيره قال { وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } وامرى بهذا التّدبير كان لمحض التّوسّل بالاسباب الّذى امر الله عباده به التّوكّل { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم } من الابواب المتفرّقة { مَّا كَانَ } ابوهم او تدبيره او دخولهم بحسب تدبيره { يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ } من تقدير الله { مِن شَيْءٍ } شيئاً من الاغناء او شيئاً من التّقدير فنسبوا الى السّرقة واخذ بنيامين { إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ } وهى التّوسّل بالتّدبير مع التّوكّل على الله مع العلم بعدم اغناء التّدبير عن التّقدير { قَضَاهَا } امضيها والاستثناء منقطع { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ } بانّ التّدبير لا يغنى من التّقدير { لِّمَا عَلَّمْنَاهُ } لاجل تعليمنا ايّاه او بالّذى علّمناه لا بكلّ الاشياء والآية اشارة الى سعته وكماله (ع) فى مرتبة البشريّة والعمل بمقتضاها من حيث انّها تقتضى التّوسلّ بالاسباب والمرتبة العقليّة من حيث انّها تقتضى الانقطاع عن الاسباب والعلم باستقلال المسبّب فى كلّ ذى سبب وانّ الاسباب حُجُبٌ لظهور اثر المسبّب { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } انّ الحذر لا يغنى من القدر او لا يتّصفون بمرتبة العلم استدراك لما يتوهّم من انّه ان كان ذو علم ينبغى ان لايظهر مقتضى البشريّة الّذى يوهم الجهل يعنى انّه، وان كان ذو علم ولكنّ اكثر النّاس ليس لهم علم فابرز مقتضى البشريّة لموافقتهم ومنهم أبناؤه المخاطبون له، او المعنى أنّه لذو علمٍ ومقتضى علمه التّوسّل بالاسباب فى التّوكلّ { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } انّ مقتضى العلم التّوسّل بالاسباب ما لم يخرجوا من عالم الاسباب.