التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١١٠
-النحل

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ } مقابل من كفر بالله (الى آخرها) وثمّ للاشارة الى تفاوت القصّتين والتّباعد بينهما والمعنى انّ ربّك للّذين هاجروا بعد الايمان او قبله من بعد ما فتنوا والهجرة اعمّ من الهجرة الصّوريّة، كما ورد انّ الآية فى عمّار رضى الله تعالى عنه، والهجرة الحقيقيّة اى هاجروا من دار الشّرك الى دار الاسلام، ومن دار النّفس الى اعلى مراتبها هو الصّدر، ومن دار الاسلام الى دار القلب وهى دار الايمان { ثُمَّ جَاهَدُواْ } فى سبيل الله بالجهاد الصّورىّ او فى سبيل الولاية وسبيل القلب بالجهاد الباطنّى { وَصَبَرُواْ } على الجهاد ولم يفرّوا من الاعداء فى الظّاهر والباطن { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا } بعد المهاجرة وفائدة التّأكيد التّصريح بانّ المغفرة والرّحمة انّما تكونان بعد الهجرة ولو بعد الشّروع فيها وامّا قبلها فليس للانسان الاّ الاستبصار بمعايبه والانزجار من منتناته وهو باعث على الهجرة والهجرة على المغفرة والرّحمة { لَغَفُورٌ } يستر عن نظر النّاظرين الجيف المنتنة الّتى كانت مع المهاجر حين مقامه فى دار نفسه المشركة { رَّحِيمٌ } بعد المغفرة بالتّفضّل عليه واستبدال الجيف بالصّور الطّيّبة من نعيم الجنان وحورها وغلمانها.