التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ
١٢٨
-النحل

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } وهم اصحابك، او انت واتباعك، او علىّ (ع) واتباعه فلا تك فى ضيقٍ ممّا فعل باصحابك فانّ لهم الزّلفى عند الله او لا تك فى ضيقٍ ممّا يحتالون فانّهم لن يصلوا بضررٍ اليك او الى علىّ (ع) او الى اتباعه، او هو تعليل للسّابق والمعنى انّ الله مع الّذين اتّقوا عن الضّيق والحزن او الحقد على المسيء او هو اشارة الى آخرة مراتب العبوديّة والتّقوى الحقيقيّة الّتى هى الفناء التّامّ فى الله والسّفر بالحقّ فى الحقّ، وقد تكرّر فيما سبق انّ لله مع عباده ومخلوقاته معيّتين؛ معيّةً هى من صفات الرّحمة الرّحمانيّة وهى عامّة، ومعيّةً هى من صفات الرّحمة الرّحيميّة وهى خاصّة؛ وهذا النّوع من المعيّة هو المراد فى امثال المقام { وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } ذو وحسنٍ وهو الولاية او محسنون الى المسيء اليهم فالآية كما اشير اليه فى ذيل تفسير التّنزيل اشارة الى مراتب الانسان من اوّل مقام الاسلام الى آخر كمال الانسان فانّ قوله فان عاقبتم الى قوله لئن صبرتم اشارة الى اولى مراتبه فى الاسلام وقوله ولئن صبرتم (الى قوله) الاّ بالله اشارة الى ثانيتها من مقام العفو وكظم الغيظ وقوله ولا تحزن عليهم (الى قوله) ممّا يمكرون اشارة الى ثالثتها من مقام الصّفح وتطهير القلب عن الحقد على المسيء، وقوله انّ الله مع الّذين اتّقوا اشارة الى آخر مقام التّقوى وهو مقام الفناء التّامّ وهو الفناء عن الفناء، وقوله والّذين هم محسنون اشارة الى آخر مقامات الانسان وهو مقام البقاء بعد الفناء، ولو كنت متذكّراً لما اسلفنا فيما أسلفنا من بيان الاسفار الاربعة للسّلاّك واصطلاح الصّوفيّة الصّافية فيها امكنك التّفطّن بكون الآيات اشارة الى الاسفار الاربعة والله ولىّ التّوفيق.