التفاسير

< >
عرض

وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
٩
-النحل

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } لمّا ذكر فى خلقة الانسان جملة ما يحتاج اليه فى معاشه ووصوله الى خيراته وكان السّبيل المقتصد الخارج عن الافراط والتّفريط فى كلّ شيءٍ ان يكون اسباب وصوله الى خيراته الاوّليّة الذّاتيّة والى خيراته الثّانويّة بقدر حاجته موجودة، والسّلوك اى خيراته الاوّليّة الذّاتيّة والى خيراته الثّانويّة بقدر حاجته، موجودة وكان السّلوك الى خيراته غير متعسّرٍ قال: لا اختصاص لقصد السّبيل بالانسان بل على الله قصد السّبيل لكلّ شيءٍ { وَمِنْهَا جَآئِرٌ } وبعض السّبل حائدٌ عن الاعتدال او المقصود انّ خلقتكم وخلقة ما تحتاجون اليه هى السّبيل الى خيراتكم البدنيّة وكمالاتكم الدّنيويّة التّكوينيّة الغير الاختياريّة، وامّا خيراتكم الرّوحيّة الاخرويّة وكمالاتكم الانسانيّة الاختاريّة فعلى الله قصد السّبيل فى ذلك باعطاء العلم والمعرفة وارسال الرّسل وانزال الكتب وتهيّة جميع ما تحتاجون اليه فى تحصيل هذه، فان وقع حيف وميل ونقص وجور فهو من عند انفسكم غير راجع الى الله، فمن خرج عن الاقتصاد فى الطّريق الى الجور فيه فهو بشآمة استعداده وكسبه { وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } بالايصال الى قصد الطّريق والسّير عليه.