التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً
٧٠
-الإسراء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } بحسب ذواتهم لانّا خلقناهم على صورتنا ولا كرامة فوقه فجعلناهم ذوى سعةٍ ومراتب فى الوجود واعطيناهم الاحاطة قوّةً او فعلاً بكلّ الاشياء، وجعلنا كلاًّ منهم حيّاً عالماً سميعاً بصيراً مدركاً متكلّماً مريداً اذا أراد شيئاً ان يقول له كن فيكون بالنّسبة الى مخلوقاته الذّهنيّة وآلاته وقواه النّفسيّة او بالنّسبة الى جميع الموجودات حين استكماله بقوّة المتاعبة { وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ } على الحمير والبغال والخيل والجمال وغير ذلك من الدّوابّ وعلى القدرة والمراكب الملكوتيّة اذا صاروا اهلاً له وهذا كرامة اخرى خارجة عن ذاته { وَٱلْبَحْرِ } على السّفن وعلى القدرة والمراكب الملكوتيّة اذا صاروا اهلاً له { وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } طيّبات ارزاق النّبات والحيوان والانسان { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } من موجودات عالم الطّبع تماماً ومن موجودات الملكوت السّفلىّ ومن بعض اصناف الملائكة، وامّا المقرّبون والاوساط من الملائكة فهم افضل من بنى آدم ما لم يخرجا من القوّة الى الفعل، فاذا خرجوا صاروا حينئذٍ افضل المخلوقات تماماً مثل نبيّنا (ص)؛ فانّ له مع الله وقتاً لا يسعه ملك مقرّب ولانبىٌّ مرسل، وتفصيل التّفضيل ومراتبه ودقائقه قد مضى، ويمكن ان يقال: انّ اضافة بنى آدم الى آدم تدلّ على انّ المراد من لم يخرج بعد من القوّة الى الفعل من جميع الجهات فيصحّ حينئذٍ تفضيلهم على الكثير لا على الكلّ.