التفاسير

< >
عرض

قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً
٦٧
-الكهف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قَالَ } الخضر (ع) تتميماً لعزمه وتثبيتاً لقدمه وتكميلاً لتضرّعه واستعداده وتمهيداً لاخذ الميثاق الاكيد عنه { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } لانّى وكلت بامرٍ لا تطيقه ووكلت انت بعلمٍ لا اطيقه كما فى الخبر وذلك لانّ موسى (ع) وكّل بعلم الكثرة وحفظ المراتب والنّظر الى الظّواهر وحفظ الحقوق وايصالها الى اهلها واجراء احكام القالب وحدوده، وذلك امر عظيم قلّما يتحمّله الاولياء (ع) الاّ من اجتباه الله للرّسالة واستكمله فى مقام الكثرة مع كماله فى التّوحيد كموسى (ع) وان كان غير مطّلعٍ على بعض اسرار التّوحيد وغرائبه، والخضر (ع) وكّل بامر الولاية واسرارها وغرائب التّوحيد ومن كان حافظاً لاوضاع الشّريعة واحكام الكثرة غير محيط بغرائب الولاية والتّوحيد لا يمكنه تحمّل ما يظهر من الغرائب من صاحب الاسرار مخالفاً لاوضاع الكثرة واحكام الشّريعة، وفى الخبر كان موسى (ع) اعلم من الخضر (ع) وفى خبرٍ آخر ولم يكن ذلك باستحقاقٍ للخضر (ع) الرّتبة على موسى (ع) وهو افضل من الخضر (ع) وكأنّه كان عالماً بانّ موسى (ع) لا يصير مستكملاً فى الجهتين ولذا اتى بكلمة لن المشعرة بالتّأييد وقال { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قَالَ }.