التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً
٩٤
-الكهف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ } هما بحسب التّنزيل قبيلتان من ولد يافث بن نوحٍ (ع) كما قيل: يأجوج من التّرك ومأجوج من الجيل، وروى انّ جميع التّرك والسّقالب ويأجوج ومأجوج والصّين من يافث بن نوحٍ (ع) حيث كانوا، وامّا بحسب التّأويل فالمراد بيأجوج ومأجوج الشّياطين والجنّة، او صنفان منهم فى العالم الكبير وما تولّد منهما من القوى والجنود فى العالم الصّغير وهما خلف البرزخ فى العالم الكبير وخلف السّدّ الّذى يبنيه خلفاء الله بالتّلقين والتّعليم فى العالم الصّغير، واشتقاقهما من اجّ اذا اسرع، او من اجّ النّار اذا اشتعل النّار، وهو يشعر بالتّأويل فانّ الشّياطين والجنّة خلقوا من النّار وهم مسرعون فى الفساد، وعلى هذا كان منع صرفهما للعلميّة والتّأنيث وان كانا عجميّين فللعجمة والعلميّة، وما ورد فى الاخبار من بيان حالهما وجثّتهما وكيفيّة نقبهما للسّدّ وخروجهما من خلف السّدّ واكلهما النّاس وشربهما للانهار المشرقيّة والبحيرة الطّبريّة وكثرتهما وطول بقائهما وكثرة ما تناسلوا تماماً يدلّ على التّأويل، وامّا سدّ يأجوج ومأجوج فى وجه الارض فلم ينقل احد من المورّخين على التّحقيق كيف هو؟ واين هو؟ وما حال يأجوج ومأجوج؟ وما حال من دون السّدّ؟ ولعلّه غار فى الماء او غاب عن الانظار حتّى انمحى خبره عن الاخبار واثره عن الآثار والاّ لما انمحى خبره؛ وما ذكر من التّواريخ اخبار تقريبىّ وذكر تخمينىّ { مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } يعنى فى ارضنا بالقتل والنّهب. وورد انّهم كانوا يأكلون النّاس وكانوا يرعون فى الزّروع والثّمار ويأكلون المأكولات ويحملون غير المأكولات { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً } نؤدّيه اليك التمسوا منه قبول الخراج { عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً } يمنعهم عن الخروج علينا ولعلّه كان خروجهم من طريقٍ واحدٍ لا يمكنهم الخروج من غيره كما اشعر به قوله بين السّدّين.