التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٢٦
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا } البلد الّذى هو مكّة او هذا الصّدر الّذى صار مكّة مظهراً له على ما سبق الاشارة اليه { بَلَداً آمِناً } من تغلّب المتغلّبين بمحض الارادة ومن اقتصاص الجانى الملتجئ اليه ومن اصطياد صيده بالمواضعة التّكليفيّة ومن شرّ الشّياطين من الانس والجنّ ومن استراق السّمع بحافظيّتك اذا اريد البلد الّذى هو الصّدر المنشرح { وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ } اهل بلد مكّة من ثمرات الدّنيا كما نقل انّه يوجد فيه ثمرات الصّيف والشّتاء فى وقت واحد. وروى انّ ابراهيم لمّا دعا بهذا الدّعاء أمر الله تعالى بقطعةٍ من الاردنّ فسارت بثمارها حتّى طافت بالبيت ثمّ أمرها ان تنصرف الى هذا الموضع الّذى سمّى بالطّائف ولذلك سمّى طائفاً. وعن الباقر (ع) انّ الثّمرات تحمل اليهم من الآفاق وقد استجاب الله له حتّى لا توجد فى بلاد المشرق والمغرب ثمرة لا توجد فيها حتّى حكى انّه يوجد فيها فى يومٍ واحدٍ فواكه ربيعيّة وصيفيّة وخريفيّة وشتائيّة وعن الصّادق (ع) يعنى من ثمرات القلوب اى حبّهم الى النّاس ليأتوا اليهم ويعودوا، وهذا بيانٌ لتأويل الثّمرات وعلى تأويل البلد فالمعنى وارزق أهله من ثمرات العلوم ومن ثمرات القلوب وثمرات القلوب ان تتولاّهم وتقبّل ولايتهم { مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } بدل من أهله نسب الى السجّاد (ع) أنّه قال: انّ المقصود منهم الائمّة من آل محمّدٍ (ص) وشيعتهم { قَالَ وَمَن كَفَرَ } عطف على من آمن على ان يكون البدل بدل الكلّ من الكلّ بدلاً تفصيليّاً يكون تتميمة من الله ويكون قوله تعالى: { فَأُمَتِّعُهُ } اوّل كلام من الله، او من كفر ابتداء كمال من الله معطوف على مقدّرٍ جواب لمسؤل ابراهيم (ع) كأنّه تعالى قال اجابة لمسؤله من آمن أرزقه ومن كفر فانا أمتّعه؛ على ان يكون من شرطيّة ودخول الفاء فى المضارع المثبت مع عدم جوازه بتقدير أنا، ورفعه لكون الشّرط ماضياً، او من موصولة ودخول الفاء فى الخبر لتضمّن المبتدأ معنى الشّرط، وترتّب التّمتيع على الكفر باعتبار التّقييد بالقلّة وتعقيب الاضطرار الى العذاب { قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } نسب الى السجّاد (ع) انّه قال: عنى بذلك من جحد وصيّه ولم يتّبعه من أمّته كذلك والله هذه الأمّة.