التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ
١٤٧
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٤٨
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } مبتدأٌ وخبرٌ جواب لسؤالٍ مقدّر كأنّه (ص) قال فما أفعل؟ - فقال تعالى: { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } اى اثبت عليه ولا تغتمّ بكتمانه وقرئ الحقّ بالنّصب؛ على ان يكون مفعول يعلمون { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا } الضّمير لله او لكلّ والتولية بمعنى الاقبال والادبار وبمعنى التّوجيه وقرئ لكلّ وجهةٍ بالاضافة وقرئ هُوَ { مُوَلّيٰهٰا } بالألف اسم مفعول؛ والآية بتنزيلها ردّ على من أنكر التّوجّه الى الكعبة فى الصّلاة من أهل الكتاب ومن ضعفاء المسلمين والمعنى لكلّ أمّةٍ قبلة مخصوصة بها تلك الامّة، والله مولّيها اليها، فاستبقوا الخيرات ولا تشتغلوا بالقول فى أمر القبلة، وبتأويلها ردّ على من أنكر الولاية وتوجّه النّفوس الى القلب وصاحب القلب كالعامّة، وترغيبٌ فى التّوجّه من الجهات النّفسانيّة الفانية الى الجهة القلبيّة الاخرويّة الولاية الباقية والمعنى لكلّ صنفٍ او فردٍ وجهةٌ يتوجّه اليها ولا ينفكّ احدٌ منكم عن التّوجّه الى جهة من الجهات فتوجّهوا الى ما ينفعكم ويبقى معكم وهو جهة القلب الّتى لا يمكن التّوجّه اليها الاّ بقبول الولاية فاستبقوا الولاية الّتى هى اصل جميع الخيرات ولذا فسّر الخيرات بالولاية فى الخبر، وسيأتى بيانٌ للخير وأنّ أصل الخير والحسن والحقّ والصلاح هى الولاية، وكلّ ما كان مرتبطاً بالولاية كان خيراً وحسناً كائناً ما كان، وكلّما لم يرتبط بالولاية لم يكن خيراً كائناً ما كان. { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } استئناف فى مقام التّعليل يعنى اينما تكونوا من جهات النّفس ومقامات الانسان والشّيطان والسّباع والبهائم يأت بكم الله؛ وهذا يقتضى استباق الخيرات او الأمر بالاستباق حتّى تكونوا مرضيّين عنده، وورد فى أخبارٍ كثيرةٍ انّ المراد أصحاب القائم (ع) وأنّهم المفتقدون من فراشهم المصبحون بمكّة وهذا وجهٌ من وجوه تأويله { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فيقدر على جمعكم فى مكانٍ واحدٍ ومقامٍ واحدٍ ومحشرٍ واحدٍ مع اختلافكم فى المكان والمقام.