التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٨٣
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } لمّا كان هذا الحكم نوعاً آخر من التّكليف غير التّكليف غير الاوّل الّذى كان فى المعاملات وكان من أشقّ العبادات صدّره بالنّداء ليتدارك كلفة التّكليف بلذّة المخاطبة، وعن الصّادق (ع) انّ لذّة النّداء ازال تعب العبادة والعناء وقد سبق مكرّراً انّ المراد بالايمان فى امثال المقام الايمان العامّ الحاصل بالبيعة العامّة وقبول الدّعوة الظّاهرة وعن الصّادق (ع) انّه سئل عن هذه الآية وعن قوله سبحانه: { { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ } [البقرة: 216] فقال (ع): هذه كلّها تجمع الضّلال والمنافقين وكلّ من أقرّ بالدّعوة الظّاهرة { كُتِبَ } اى فى اللّوح المحفوظ او فى صدر النّبىّ (ص) او فى الكتاب التّدوينىّ الالهىّ او فرض { عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ } الصّوم والصّيام مصدرا صام يصوم صوماً بمعنى الامساك المطلق لغة وبمعنى الامساك المخصوص شرعاً { كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعنى انّها عبادة قديمة كانت واجبة من لدن آدم (ع) فانّه لم يكن نبىُّ الاّ كان فى شريعته امساكٌ ما، روى عن امير المؤمنين (ع) انّ اوّلهم آدم فالتّشبيه فى اصل الامساك المخصوص المشروع لا فى جميع مخصّصاته فانّه لم يكن صيامنا موافقاً لصيام اليهود والنّصارى فى الوقت وعدد الايّام والممسك عنه { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } تتّصفون بالتّقوى وتصيرون اتقياء او لعلّكم تتّقون المعاصى ودواعى النّفس لانّ امساك النّفس عن المأكول والمشروب مدّةً غير معتادة يضعّفها وفى ضعفها ضعف دواعيها ومقتضياتها وقوّة العقل واقتضائه للتّقوى عمّا هو شرّ للانسان، نسب الى النّبىّ (ص) انّه قال: خصاء امّتى الصّوم، وفى الخبر: من لم يستطع الباءة فليصم فانّ الصّوم له وجاء. وعن الصّادق (ع) انّه قال: انّما فرض الصّيام ليستوى به الغنىّ والفقير وذلك انّ الغنىّ لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير فأراد الله سبحانه ان يذيق الغنىّ مسّ الجوع ليرقّ على الضعيف ويرحم الجائع.