التفاسير

< >
عرض

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ
٢١٠
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ هَلْ يَنظُرُونَ } ثمّ صرف الكلام الى المنافقين بعد نداء الفرق الثّلاث من المسلمين فقال تعالى: هل ينظر هؤلاء المنافقون المتزيّنون فى ظاهر حالهم { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } اى امر الله او بأسه او يأتيهم الله بحسب مظاهره فانّ اتيان المظاهر اتيان الله بوجه كما قال { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } [الأنفال: 17]، { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [الأنفال: 17]، و { يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ } [التوبة: 14] وقد قال علىّ (ع): يا حار همدان من يمت يرنى؛ والمراد من وقت اتيان الله وقت نزع الرّوح { فِي ظُلَلٍ } جمع الظلّة وهى ما اظلّك { مِّنَ ٱلْغَمَامِ } على التّشبيه فانّ الاهوال عند الموت ترى كالغمام وسمّى الحساب غماماً لا يراثه الغمّ فيناسبه الاهوال { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } قرئ بالرّفع والجرّ عطفاً على الله او الظّلل او الغمام. وعن الرّضا (ع) { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } بالملائكة { فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ } قال: وهكذا نزلت { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } امر اهلاكهم وهو عطف على ان يأتيهم واتى بالماضى تأكيداً فى تحقّق وقوعه، ويجوز ان يكون حالاً بتقدير قد، ويجوز ان يراد بالآية المحاسبة يوم القيامة او الرّجعة، وقد اشير فى الاخبار الى الكلّ.
تحقيق معنى الرّجوع الامور الى الله تعالى
{ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلامُورُ } يعنى بعد انقضاء الحياة وارتفاع الحجب يظهر انّ الامور كانت بيد الله ولم يكن لاحدٍ يدٌ عليها وانّما كانت أيدى الغير اكماماً ليده تعالى، ولضعف الابصار فى الدّنيا كانوا لا يشاهدون الاّ الاكمام، وبعد ارتفاع الحجب عن الابصار وقوّتها تشاهد انّ الكلّ كانت اكماماً والفاعل كان يده تعالى وان لا امر بيد غيره تعالى، واستعمال الرّجوع الّذى هو الانتهاء الى الابتداء تدريجاً للاشارة الى هذا المعنى يعنى كلّما ارتفع حجاب عن ابصارهم شاهدوا فاعلاً آخر للامور حتّى ارتفع الحجب تماماً فيشاهدوا ان لا فاعل سواه وان لا امر من غيره.