التفاسير

< >
عرض

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ
٢١٤
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَمْ حَسِبْتُمْ } ام منقطعة متضمّنة للاستفهام الانكارى او مجرّدة عن الاستفهام والاضراب عن انزجارهم بسبب الاختلاف وعن انكارهم جواز الاختلاف بعد بعث الرّسل كأنّه قيل: لا ينبغى الانزجار من الاختلاف والانزعاج من اذى المختلفين وانكار جواز الاختلاف بسبب بعث الرّسل فكأنّه قال: هل ضجرتم من الاختلاف وانكرتموه بعد بعث الرّسل؟! بل ظننتم { أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } يعنى لا ينبغى لكم مثل هذا الظّنّ فانّ الرّاحة بدون العناء لا تكون الاّ نادراً فوطّنوا أنفسكم على الاختلاف الشّديد والاذى الكثير من المخالفين حتّى تفوزوا بالجنّة { وَلَمَّا يَأْتِكُم } جملة حاليّة { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ } مستأنفةٌ جواب لسؤالٍ مقدّر او حال بتقدير قد { وَٱلضَّرَّآءُ } البأساء الضّرر الّذى يكون من قبل الخلق على سبيل العداوة نفسيّاً كان ام ماليّاً، والضّرّاء ما يكون من قبل الله، او من قبل الخلق لا على سبيل اعلان العداوة، ويستعمل كلّ فى كُلّ وفى الاعمّ { وَزُلْزِلُواْ } اضطربوا اضطراباً شديداً فى معاشهم ودنياهم من اذى المخالفين او فى دينهم ايضاً من مشاهدة غلبة المخالفين ومغلوبيّتهم { حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ } قرئ بالنّصب بتصوير الحال الماضية حاضرة بتصوير الزّلزال حاضراً والقول بالنّسبة اليه مستقبلاً، وبالرّفع بتصوير القول حاضراً او ماضياً { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } استبطاء لنصره تعالى وهذا بالنّسبة الى المؤمنين جائز الوقوع فانّ الاضطراب فى الدّين او الدّنيا قد يقع منهم لضعفهم وعدم تمكينهم وامّا بالنّسبة الى الرّسول فيكون على سبيل المشاكلة، او هذا الكلام منه ومنهم على سبيل المسألة لا الاستبطاء والانزجار { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } كلام من الله جواب لسؤال مقدّر تقديره هل يكون النّصر بطيئاً؟ - فقال: الا انّ نصر الله قريب، او التّقدير فما قال الله لهم؟ - فأجيب: قال الله: { الا انّ نصر الله قريبٌ }، فحذف قال او كلام منهم كأنّه قيل: أفما قالوا غير ذلك؟ - فقيل: قالوا بعد ما تأمّلوا فيما شاهدوا من فضل الله عليهم: { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }، او الكلام من قبيل { وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } بان يكون القول الاوّل من الامّة وهذا من الرّسول.