التفاسير

< >
عرض

قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى
٥٢
ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ
٥٣
-طه

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي } يعنى انّ حالهم من الغيب الّذى لا يطلع الله احداً عليه الاّ من ارتضاه ولو كنت اعلم منه شيئاً باعلام الله لا يمكننى افهامك وافهام امثالك { فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي } هو صفة كتابٍ بتقدير العائد اى لا يضلّ عنه وعن طريقه قبل العلم { وَلاَ يَنسَى } بعد العلم به او مستأنف جواب لسؤالٍ مقدّرٍ، ولمّا اعرض فرعون عن جواب سؤاله الاوّل ولم يتعرّض له بالرّدّ والقبول ادّى موسى (ع) جواب سؤاله الثّانى بحيث انجرّ الى الجواب الاوّل حتّى اضطرّ الى القبول او بهت كما بهت اوّلاً حتّى يظهر عجزه على الحاضرين فقال { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } تهتدون بها الى غير بلادكم لتحصيل منافعكم وما تحتاجون اليه، وسبلاً لتحصيل معايشكم من الزّراعات والتّجارات والصّناعات، وسبلاً لتحصيل منافعكم الاخرويّة من الانبياء (ع) وشرائعهم وخلفائهم (ع) { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } من جهة العلو { مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ } قيل: هو التفات من الغيبة الى التّكلّم وهو صحيح اذا كان المتكلّم هو المتكلّم ليس كذلك، وقيل هو كلام من الله مربوط بكلام موسى (ع) بان يكون هو من كلام الحاكى مربوطاً بكلام المحكىّ عنه ومثله كثير فى المخاطبات لكن نقول: انّ الرّسول (ع) حين رسالته وتبليغها قد ينسلخ من انانيّته بحيث لا يبقى فى وجوده الاّ انانيّة المرسل وحينئذٍ يجوز ان يظهر بشأن المرسل ويتكلّم بكلامٍ خاصٍّ بالمرسل بعد ان كان يتكلّم بكلامه من حيث رسالته ويكون الكلامان متّصلين بحيث يظنّ انّهما من واحدٍ فيجوز ان يكون الكلام التفاتاً من الغيبة الى التّكلّم بهذا الاعتبار كأنّه صار الرّسول مرسلاً فقال: فاخرجنا به { أَزْوَاجاً } اى اصنافاً وانواعاً فانّ كلّ صنفٍ ونوعٍ من النّبات له كالحيوان قسمان مثل الذّكر والانثى من الحيوان، او اطلاق الازواج باعتبار أنّ كلّ صنفٍ من اصناف النّبات له نظير او نظائر من نوعه، او باعتبار انّ كلّ صنفٍ بملاحظة تركّبه من العناصر زوج، او بملاحظة تعيّنه ووجوده زوج { مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } متفرّقة مختلفة فى الشّكل واللّون والزّهر والحبّ والثّمر والمزاج والخاصيّة ووقت النّبت ووقت الحبّ والثّمر وغير ذلك قائلين { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ }.