التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
٤٠
-الحج

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ } بدل او صفة للّذين يقاتلون او للّذين آمنوا، او مبتدء خبره الّذين ان مكنّاهم او خبر مبتدءٍ محذوفٍ او مبتدء خبرٍ محذوفٍ، او مفعول فعلٍ محذوفٍ { مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } من قبيل استثناء المديحة من الذّمائم ثانياً وتجرى الآية فى الأئمّة كالحسين (ع) واصحابه كما فى الاخبار وفى المؤمنين بشرائط الجهاد والدّفاع المقرّرة فى الكتب الفقهيّة { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } قرئ دفع الله من الثّلاثىّ المجرّد ودفاع الله من المفاعلة والجملة حاليّة او معطوفة وفيها معنى التّعليل لقوله { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ } وقد سبق فى آخر سورة البقرة بيان وجوه هذه الآية عند قوله تعالى: { { لَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ } [البقرة: 251]، { لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ } معابد النّصارى لرهبانهم قدّمها على سائر المعابد فى الذّكر لكونها حقّه الى زمان الرّسول (ص) وليشيوعها فى ذلك الزّمان ولاختصاصها بمن لم يكن له شغل سوى العبادة { وَبِيَعٌ } معابدهم المشتركة { وَصَلَوَاتٌ } معابد اليهود اصلها ثلوتا بالعبريّة فعرّب وجعل صلٰوة وجمع على الصّلوات، وقيل: الصّوامع معابد النّصارى فى الجبال والبرارى، والبيع معابدهم فى القرى، والصّلوات معابد اليهود لكونها يصلّى فيها، وقيل: الصّوامع معابد النّصارى، والبيع معابد اليهود، والصّلوات ايضاً معابد اليهود، وقيل: المراد بالصّلوات صلوات شريعة محمّدٍ (ص) من الصّلوات الخمس وغيرها { وَمَسَاجِدُ } يعنى لولا دفع الله النّاس بالوجوه السّابقة فى سورة البقرة لفسدت الارض وهُدّم ما كان يعبد فيه فى زمان كلّ نبىٍّ { يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً } وصف للمجموع او للمساجد خاصّة كأنّ غيرها لا يذكر فيها اسمه تعالى لاجل كون الشّرائع السّالفة منسوخة { وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } عطف على قوله تعالى: { { لَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ } [البقرة: 251] فانّه فى معنى وليدفعن الله، ونصرة العباد لله لا يكون الاّ بنصرة خلفائه فى العالم الكبير بطاعتهم والاقتداء بهم وتعظيمهم وتعظيم شرائعهم والاّ بنصرة خلفائه تعالى فى العالم الصّغير من الملك الزّاجر والعقل النّاهى والآمر واللّطيفة الانسانيّة الّتى هى خليفة الله فى الارض حقيقةً، ونصرة الله تعالى للعباد بالتّوسعة فى قلوبهم والتّوفيق لطاعاته وتهيّة اسباب الظّفر على اعدائه وعلى أعدائهم الظّاهرة والباطنة، ولمّا كان افعال العباد واوصافهم فعل الله الظّاهر فى مظاهر العباد كان نصرة العباد لله هى بعينها نصرة الله للعباد وجالبة لنصرة اخرى من الله كما انّ خذلان العباد للطّيفة الانسانيّة بعينه خذلان من الله للعباد وجالب لخذلانٍ آخر { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ } فى مقام التّعليل لنصرة يعنى انّه قادر غير ضعيف عن النّصر { عَزِيزٌ } غالب لا مانع له من نفاذ امره.