التفاسير

< >
عرض

مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
٩١
-المؤمنون

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ } جواب سؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: قد علم حال منكرى البعث فما حال من جعل لله ولداً ومن جعل معه الهة اخرى اصحيح هذا منهم ام لا؟- فقال: ما اخذ الله من ولدٍ لانّ الولد ما يكون مماثلاً للوالد فى الذّات ولوازمها فلو كان لله ولد لكان مثله الهاً آخر لزمه ما لزم كون الالهة معه ولذلك لم يأت ببرهان بطلانه واكتفى ببرهان تعدّد الآلهة { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ } اذاً ظرف لمحذوف والتّقدير لو كان معه اله اذاً لذهب { كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } يعنى لو كان الاله اثنين لا يخلو امّا ان يكونا قادرين قويّين او عاجزين ضعيفين، او يكون احدهما قادراً قويّاً والآخر عاجزاً ضعيفاً، فان كان احدهما قويّاً والآخر عاجزاً يكون الاله واحداً، وان كانا ضعيفين لم يكن شيءٌ منهما الهاً للضّعف الظّاهر فيهما، وان كانا قويّين قديرين لزم ان يكون كلّ منهما قادراً عاجزاً غالباً مغلوباً؛ وهو محال، وذلك لانّ اقتضاء الآلهة القدرة التّامّة واقتضاء القدرة التّامّة ان يكون كلّ ما سواه مقدوراً له فلو فرض الاله اثنين لزم ان يكون كلّ واحد منهما قادراً لفرض الآلهة فيه مقدوراً لغيره لفرض الآلهة غيره، فهذه الحجّة من الله تعالى برهان تامّ لو انضمّ اليه بعض المقدّمات المذكورة المعلومة من عنوان الالهة ويكون معنى قوله لعلا بعضهم على بعض لعلا كلّ بعضٍ منهم على كلّ بعضٍ بجعل اضافة البعض للاستغراق { سُبْحَانَ ٱللَّهِ } بمنزلة النّتيجة للسّابق { عَمَّا يَصِفُونَ } من الولد والشّريك.