التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١١
-النور

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ } افك كضرب وعلم افكاً بالكسر والفتح والتّحريك كذب كأفّك بالتّشديد وافكه عنه كضرب صرفه وقلبه او قلب رأيه { عُصْبَةٌ } اى جماعة { مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ } الضّمير للافك او الاتيان بالافك المستفاد من جاؤا بالافك { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } لانّ افكهم لا يورث ضرراً عليكم بل ينفعكم لانّه يكون كفّارةً لذنوبكم وتخفيفاً لاثقالكم { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ } فانّ من هؤلآء العصبة من يقول افتراءً مع علم بانّه افتراء، ومنهم من يقوله ظنّاً وتخميناً، ومنهم من يقول تقليداً، ومنهم من يستمع، ومنهم من يسمع، ولكلّ منهم قدر ما اكتسب من الاثم { وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ } معظم الاثم كعبدالله بن ابىّ سلول فانّه كان رأس اصحاب الافك كانوا يجتمعون عنده وكان يحدّث النّاس بحديث الافك ويشيع ذلك بين النّاس ويقول باتت امرأة نبيّكم مع رجلٍ حتّى اصبحت ثمّ جاء يقودها والله ما نجت منه وما نجا منها، وقيل: المراد مسطح بن اثاثة، وقيل: حسّان بن ثابت، او المعنى الّذى تولّى كبرياءه وتأنّف عن انقياد الرّسول (ص) وتوقيره { مِنْهُمْ } اى من هؤلآء العصبة { لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } قد نقل فى تفاسير الخاصّة والعامّة انّ الآيات نزلت فى عائشة، وسبب نزولها انّ الرّسول (ص) خرج بها فى غزوة بنى المصطلق وكان الرّسول (ص) اذا اراد ان يخرج باحداهنّ فى غزوةٍ اقرع بينهنّ وبعدما رجع من تلك الغزوة ودنى من المدينة قامت عائشة حين اذنوا بالرّحيل ومشت حتّى جاوزت الجيش فلمّا قضت شأنها اقبلت الى الرّحل فلمست صدرها فلم تجد عقدها فرجعت فى التماسها عقدها فحبسها ابتغاؤه واقبل الرّهط الّذين يحملون هودجها فحملوا هودجها ظنّاً منهم انّها فيه ووجدت عقدها، ورجعت فلم يجد فى المعسكر داعياً ولا مجيباً فبقيت فى المنزل الّذى كانت فيه ظنّاً منها انّ القوم سيفقدونها، وكان صفوان بن المعطّل السّلمىّ جاء من وراء الجيش فأصبح عند منزلها فعرفها فأناخ راحلته فركبتها فقادها حتّى اتيا الجيش، فقال المنافقون ما قالوا فى حقّها، فأنزل الله تلك الآيات لتبرئتها، ونقل عن الخاصّة انّها نزلت فى مارية القبطيّة وما رمتها به عائشة، روى عن الباقر (ع) انّه قال لمّا هلك ابراهيم بن رسول الله (ص) حزن عليه رسول الله (ص) حزناً شديداً فقالت له عائشة ما الّذى يحزنك عليه فما هو الاّ ابن جريحٍ فبعث رسول الله (ص) عليّاً (ع) وأمره بقتله فذهب علىّ (ع) ومعه السّيف وكان جريح القبطىّ فى حائطٍ فضرب علىّ (ع) باب البستان فأقبل اليه جريح ليفتح له الباب فلمّا رأى عليّاً (ع) عرف فى وجهه الغضب فأدبر راجعاً ولم يفتح باب البستان فوثب علىّ (ع) على الحائط ونزل الى البستان واتبعه وولّى جريح مدبراً، فلمّا خشى ان يرهقه صعد فى نخلة وصعد علىّ (ع) فى اثره فلمّا دنى منه رمى بنفسه من فوق النّخلة، فبدت عورته فاذا ليس له ما للرّجال ولا له ما للنّساء، فانصرف علىّ (ع) الى النّبىّ (ص) فقال له يا رسول الله اذا بعثتنى فى الامر اكون فيه كالمسمار المُحمى فى الوبر امضى على ذلك ام اتثبّت؟- قال: لا بل تثبّت، قال: والّذى بعثك بالحقّ ما له ما للرّجال وما له ما للنّساء فقال: الحمد لله الّذى صرف عنّا السّوء اهل البيت، وروى حكاية رمى المارية بنحوٍ آخر.