التفاسير

< >
عرض

وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٣٢
-النور

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ } مقلوب ايايم جمع الايّم مشدّد الياء من لا زوج له من الرّجال والنّساء فالمعنى انكحوا من لا زوجة له من الرّجال ومن لا زوج لها من النّساء { مِنْكُمْ } حال كونهم منكم من حيث الايمان فانّ الخطاب للمؤمنين بعنوان الايمان ومفهوم مخالفته لا تنكحوا الايامى من غيركم من حيث الايمان سواء كانوا منكم من حيث النّسب او لم يكونوا { وَٱلصَّالِحِينَ } اى المؤمنين فانّ المراد بالصّلاح ههنا الاسلام او المتعفّفين فانّه ايضاً صلاح النّفس { مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ } فانّهم ان كانوا متزوّجين ومزوّجات كانوا اسلم من الرّيبة واصلح للخدمة { إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ } الضّمير راجع الى الايامى فقط او اليهم والى الصّالحين على القول بتملّك العبيد والاماء، او على ان يكون المراد بهم العبيد والاماء الّذين أعتقهم مواليهم ويكون الله تعالى أمر المسلمين بتزويجهم وعدم التّأنّف منهم لكونهم عبيداً واماءً، او المعنى ان يكونوا محتاجين الى الازواج بغلبة الشّبق والعزوبة، او المراد ان يكونوا فقراء الى الله تعالى محتاجين اليه فى الخلاص من الكثرات والالتذاذ بالتّوحيد { يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ } عن الكثرات { مِن فَضْلِهِ } بحيث لا يكون الكثرات حجباً لهم ويكونون مشاهدين لله فى الكثرات فانّ رفع حجاب الكثرة وان كان بالعزلة اسهل ومشاهدة جمال التّوحيد فى الوحدة اكمل لكنّ المعتزل كلّما اشتغل بالكثرات للضّرورة الدّاعية اليها لانّه خلق محتاجاً اليها كانت الكثرات حجباً بل يكون سترها اقوى واشدّ ولذلك ترى المرتاضين المعتزلين قلّما يتحمّلون واردات المعاشرة مع الخلق ولا يمكنهم المعاملة مع الخلق والاقامة فيهم { وَٱللَّهُ وَاسِعٌ } لا يعجز من التّوسعة عليهم ولا يخاف من عولهم { عَلِيمٌ } بالتّسبيبات الخفيّة فيعلم انّ النّكاح سبب للغناء وان لم تعلموا انتم ذلك، او عليم باستعداد كلّ وصلاحه فان لم يغن بعضاً بالنّكاح كان يعلم منه باستعداده وبانّ صلاحه فى فقره فلا يقول قائل: نرى بعض من تزوّج لا يصير غنيّاً، او عليم بكم فيعلم انّ النّكاح يزيد فى فقركم وحاجتكم فيزيله عنكم بعد ما نكحتم بأمره، ولمّا بيّن حكم اولياء الايامى وشركائهم فى الايمان بيّن حكم الايامى انفسهم مع اشعارٍ ما بانّ الواجب على المؤمنين رفع المانع من نكاح الايامى اذا كان المانع من قبلهم مثل التّأنّف وملاحظة الكفاءة فى الحسب والنّسب وملاحظة الفقر وعدم القدرة على الانفاق او على التّعيّش لا تهيّة الاسباب مثل الصّداق والنّفقة والكسوة فقال { وَلْيَسْتَعْفِفِ... }.