التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً
٤٨
-الفرقان

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } فانّ الرّياح الصّوريّة وقت الشّتاء والرّبيع تحرّك السّحاب وتصير سبباً لامطار المطر، واطلاق الرّحمة على المطر شائع فى العرب والعجم، ورياح الغموم والاخاويف والاسقام والقبضات والبلايا وسائر ما لا يلايم الانسان تبشّر بضدّ ذلك فانّ مع العسر يسرين وقد سبق فى سورة الاعراف اختلاف القراءة فى بشراً وغير ذلك { وَأَنزَلْنَا } لمّا كان الامتحانات الآلهيّة موجبة لترقّى السّالك عن مقام الغيبة الى مقام الحضور ويكون الامتحان فى الغياب قال ارسل الرّياح بالغيبة وانزلنا بالالتفات من الغيبة الى الحضور { مِنَ ٱلسَّمَآءِ } اى السّحاب او وجهة العلو بعد ارسال الرّياح { مَآءً طَهُوراً } اى طاهراً فى نفسه مطهّراً لغيره من الاخباث والاحداث فانّ الطّهور للمبالغة فى الطّاهر، والبالغ فى الطّهارة هو الّذى يكون لشدّة طهارته مورثاً لطهارة مجاوره، وتوصيف الجنس بهذا الوصف يدلّ على انّ الماء ما لم يخرج من حدّ اطلاق هذا الاسم ولم يصر مضافاً ومغلوباً لوصف غيره لم يسلب عنه هذا الوصف قليلاً كان ام كثيراً وارداً على المتنجّس ام وارداً عليه المتنجّس او ملاقياً له غسالةً ام غيرها، كما افتى به بعض الفقهاء رضوان الله عليهم، لكنّ الاحتياط طريق الرّشاد خصوصاً فى البلاد الّتى يكون الماء بها كثيراً حيث لا ينجّر الى تعسّر وتبذيرٍ واسرافٍ.