التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ
٢١٤
-الشعراء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

خصّ العشيرة الاقربين مع انّه مأمور بانذار الخلائق اجمعين، امّا لانّهم اقرب الى القبول من غيرهم فاذا انذروا قبلوا لمناسبة القرابة بينهم وبينه ولاطّلاعهم على خفايا احواله وانّه لا مداهنة فيه ولا يطلب الدّنيا دون غيرهم، او لانّهم ان آمنوا سهل عليه (ص) دعوة الغير وسهل على الغير قبول دعوته لاستظهاره بهم واعانتهم له ومشاهدة الغير لايمان المطّلعين على خفايا احواله، وان لم يؤمنوا تنفّر عنه الاباعد مستدلّين بأنّه ان كان حقّاً كان اتّباعهم له اولى من اتّباعنا، او لانّه ان انذر عشيرته يعلم انّه الهىّ وانّه بدأ بعشيرته فلا يدع غير عشيرته، او لانّه يمكنه جمعهم وانذارهم دون غيرهم، وقد نقل من طريق العامّة والخاصّة انّ محمّداً (ص) بعد نزول هذه الآية قال لعلىٍّ (ع): يا علىّ اصنع لهم غذاءً فصنع غذاءً قليلاً فجمعهم رسول الله (ص) فى الشّعب فأكلوا كلّهم من ذلك الغذاء القليل وشبعوا فبدرهم ابو لهبٍ فقال: هذا ماسحركم به الرّجل فسكت (ص) يومئذٍ ولم يتكلّم بشيءٍ ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك الطّعام ثمّ انذرهم فقال: يا بنى عبد المطّلب انّى انا النّذير اليكم من الله عزّ وجلّ والبشير فأسلموا وأطيعونى تهتدوا ثمّ قال (ص): من يواخينى ويوازرنى ويكون وليّى ووصيّى بعدى وخليفتى فى اهلى ويقضى دينى؟ فسكت القوم فأعادها ثلاثاً؛ كلّ ذلك يسكت القوم ويقول علىّ (ع): انا، فقال (ص) فى المرّة الثّالثة: انت، فقام القوم وهم يقولون لابى طالبٍ: اطع ابنك فقد اُمّر عليك، وفى رواية العامّة: ايّكم يقوم ويبايعنى؟ واعاد لهم الكلام ثلاث مرّات وسكت القوم ثمّ قال: ليقومنّ قائمكم او ليكوننّ فى غيركم ثمّ لتندمنّ فقام علىّ (ع) فبايعه واجابه، ثمّ قال: ادنُ منّى فدنا منه ففتح فاه ومجّ فى فيه من ريقه وتفل بين كتفيه وثدييه، فقال ابو لهب: فبئس ما حبوت به ابن عمّك ان اجابك فملأت فاه ووجهه بزاقاً، فقال (ص): ملأته حكمةً وعلماً، وعن طريق العامّة والخاصّة: وانذر عشيرتك الاقربين ورهطك منهم المخلصين عن الرّضا: وانذر عشيرتك الاقربين ورهطك المخلصين قال هكذا فى قراءة ابىّ بن كعبٍ وهى ثابتة فى مصحف عبدالله بن مسعود قال هذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عالٍ حين عنى الله عزّ وجلّ بذلك الآل فذكره لرسول الله (ص)، ويجوز ان يكون المراد بالعشيرة الاقربين الّذين كانوا بحسب مرتبتهم الرّوحانيّة عشيرته واقرب منه، ويكون المعنى انذر بحسب مقامك العالى عشيرتك الاقربين وتنزّل عن مقامك العالى الى مقام التّابعين.