التفاسير

< >
عرض

فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢١٦
-الشعراء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَإِنْ عَصَوْكَ } اى عشيرتك او اتباعك المؤمنون فانّهم بحسب حدود مقامهم وتعيّناتهم النّازلة يعصونك { فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } ولا تقل انّى بريءٌ منكم فانّهم ان كانوا اتباعك كانت براءتك منهم براءة من اللّطيفة الالهيّة، كما مضى مكرّراً انّ الاسماء والاحكام اسماء وجارية على الفعليّة الاخيرة من الاشياء فخطاب اتباعك والبراءة منهم يكون خطاباً وبراءة من الفعليّة الاخيرة الّتى هى فعليّة الرّسالة او فعليّة الولاية، وفعليّة الرّسالة والولاية ليست الاّ الهيّةً، وان لم يكونوا اتباعك ولم يكونوا مرتدّين عن الفطرة بابطال الفطرة الانسانيّة كان فعليّتهم الاخيرة فعليّة الانسانيّة، وان كانت محتجبة تحت غيرها من الفعليّات الاُخر وكانت البراءة منهم براءة من الانسانيّة الّتى هى ايضاً لطيفة الهيّة، نعم ان قطع الفطرة صحّ ان يقال: انّى بريءٌ منك كما حكى الله تعالى عن ابراهيم (ع) بقوله: { { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ } [التوبة:114] يعنى تنزّل عن مقامك العالى وشاركهم فى مقامهم النّازل فان خالفوك فى التّقيّد بحدود مقامهم فأظهر نزاهة ذاتك عن تلك الحدود وقل لهم انّى بحسب مقامى العالى منزّه عن حدود تلك المقامات وتعيّناتها وان شاركتكم فى بعض لوازمها لئلاّ تستوحشوا منّى حتّى لا يتوهّموا انّك تكون مثلهم.