التفاسير

< >
عرض

أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
٦٠
-النمل

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } ام منقطعة متضمّنة للاستفهام، ومن موصولة بدل من الله، ولمّا كان المقصود الزامهم على انّ الله خير ممّا يشركون وانّهم فى اختيار غير الله عليه سفهاء وكان ما بعد ام فى تلك الفقرات الآتية اوضح فى هذا المعنى وابلغ اضرب عن قوله آلله خير ام ما يشركون وقال بل من خلق السّماوات والارض خير ام ما يشركون، ويجوز ان يكون من استفهاميّة وام منقطعة غير متضمّنة للاستفهام ويكون الكلام مستأنفاً { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ } رياضاً وبساتين { ذَاتَ بَهْجَةٍ } ذات منظر صحيح يبتهج به، والتفت الى التّكلّم للاشعار بانّ انبات الحبوب واللّبوب والعروق الّتى هى جماد وانماؤها واخراج الاوراق والغصون والاثمار عليها خارج عن عهدة الاسباب الطّبيعيّة من دون حضور الله واسبابه الغيبيّة، وللاشارة الى انّ النّاظر الى الاسباب ينبغى ان يكون نظره اليها بحيث ينتقل منها الى مسبّب الاسباب فاذا نظر الى سبب او سببين ينبغى ان ينتقل الى المسبّب وتمثّل وحضر عنده المسبّب { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } وان كنتم فى غاية الاهتمام وفى غاية التّدبير والتّربية فانّه لو لم يختلف عليها الايّام واللّيالى ولم يكن حرّ النّهار وبرد اللّيالى ما نبتت وما نمت، وتخلّل كان فى امثال هذا لنفى الصّحّة والامكان اى ما صحّ وما امكن لكم { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } ممّا يعدّونه آلهاً { بَلْ } ليس اله مع الله فـ { هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } بالله غيره او يعدلون عن الحقّ.