التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ
٤١
-القصص

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً } قدوة لجمعٍ كثيرٍ والمعنى جعلنا جميعهم ائمّة متبوعين لاهالى ممالكهم او جعلنا متبوعيهم ائمّة { يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } عن الصّادق (ع) انّ الائمّة فى كتاب الله امامان قال الله تبارك وتعالى: وجعلناهم ائمّة يهدون بأمرنا لا بأمر النّاس يقدّمون امر الله قبل امرهم وحكم الله قبل حكمهم قال: { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } يقدّمون امرهم قبل امر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون باهوائهم خلاف ما فى كتاب الله عزّ وجلّ، والمقصود من نقل هذا الخبر تنبيه نفسى وجملة الغافلين وتذكرة اخوانى وجملة الطّالبين بانّ تقديم امر الله على امر النّاس يعنى على امر نفس العامل فانّه من جملة امر النّاس لا اختصاص له بائمّة الهدى فقط، بل كلّ فرد من افراد النّاس امام لأهل مملكته وكلّ فعل يصدر منه امّا المنظور فيه امر الله وحكمه قبل النّظر الى امر نفسه وحكمها او المنظور فيه امر نفسه وحكم نفسه قبل النّظر الى امر الله وحكمه؛ فان كان الاوّل كان اماماً يهدى بأمر الله لاهل مملكته قبل أمر نفسه، وان كان الثّانى كان اماماً يدعو لاهل مملكته الى النّار، مثلاً اذا كان لك شريك فى قصعة ثريد وكنت جائعاً ولم يكن الثّريد كافياً لك ولشريكك او كان فى القصعة شيءٌ لذيذ ولم يكن اللّذيذ كافياً لكما وكان ارادتك ان لا تأكل ازيد من شريكك بل تريد ان تأكل مساوياً له او اقلّ بان تؤثره على نفسك ولم يكن مقصودك المرائاة او التّمدّح او غير ذلك من اغراض النّفس كنت من القسم الاوّل، وان لم تكن كذلك كنت من القسم الثّانى، فاوصيكم اخوانى ونفسى بعدم الغفلة عن ذكر الله عند فعالكم فانّكم ان تكونوا متذكّرين لله عند الفعال امكن لكم تذكّر امر الله وتقديمه على امر انفسكم والاّ غلبتكم انفسكم وقدّمت امرها على امر الله ولذلك قيل: اعلى مراتب الذّكر تذكّر امر الله ونهيه عند كلّ فعلٍ وتركٍ { وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } لانّ النّصر حينئذٍ محصور فى الله وهؤلاء لا اتّصال لهم بالله بتوسّط خلفائه لانكارهم الله وخلفاءه.