التفاسير

< >
عرض

إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
٥٦
-القصص

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } هدايته او من كان محبوباً لك فكيف بغيره والجملة جواب سؤالٍ ناشٍ من سابقه كأنّه (ص) قال: هل يكون هداية هؤلاء بسعيى وانا اهديهم؟- او قال (ص): هل ابالغ فى هداية ارحامى واحبابى؟- او جواب لسؤاله (ص) وجهده فى هداية ارحامه خصوصاً على ما نقل من العامّة انّه نزل فى ابى طالب (ع) ومبالغة محمّدٍ (ص) فى ايمانه وعدم قبوله { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } هدايته او من كان محبوباً له { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } اى المستحقّين للهداية وانت لا تعلمهم، او لست اعلم منه بهم او هو اعلم بمن اتّصف بالهدى حقيقةً وبمن قبل رسالتك عارية.
فى اسلام ابى طالب (ع)
اعلم، انّه نقل بطريق العامّة انّ الآية نزلت فى ابى طالب (ع) وذكروا اخباراً عديدة فى حقّه مشعرة بذمّه وعدم اسلامه وذكر بعض الخاصّة ايضاً بعضاً من اخبارهم الّتى لا يليق بشأنه فانّ جلالة شأنه (ع) اجلّ وامنع من ان يبلغها عقول الرّجال فكيف بأصحاب البحث والجدال وارباب الظّن والخيال لانّه كما استفيد من الاخبار انور نوراً وافخم قدراً بعد الانوار الاربعة عشر من جميع الانبياء والاولياء (ع) وانّه كان مستودعاً لودائع الوصاية من جميع الانبياء والاولياء(ع) الّتى ينبغى ان تسلّم الى محمّد (ص) الّذى كان خاتم كلّ الانبياء (ع) وحامل ودائعه ينبغى ان يكون سنخاً له، وفى مرتبة الّشرافة مناسباً له، وانّه كان مربيّاً لمحمّد (ص) من اوّل صباه بل كان مرضعاً له من ثدى نفسه مدّة وانّه اخبر كثيراً قبل ولادته وبعدها بولادته ونبوّته وشرافته وانّه كان من اوصياء عيسى (ع) وانّ كلّ الاوصياء ينبغى ان يكونوا راجعين اليه وآخذين منه. روى فى الكتب المعتبرة عن الكاظم (ع) انّه سئل: اكان رسول الله (ص) محجوباً بابى طالبٍ (ع)؟- فقال: لا؛ ولكنّه كان مستودعاً للوصايا فدفعها اليه، قيل: فدفع اليه الوصايا على انّه محجوج به؟- فقال: لو كان محجوجاً به ما دفع اليه الوصيّة، قيل: فما كان حال ابى طالب (ع)؟- قال: اقرّ بالنّبىّ (ص) وبما جاء به ودفع اليه الوصايا ومات من يومه، ولو لم يكن فى حقّه (ع) سوى هذا الخبر لكفى فى الدّلالة على جلالة شأنه وفخامة قدره لدلالة على انّه كان مستودعاً للوصايا الّتى ينبغى ان تدفع الى محمّد (ص)، وانّه كان ادّاها اليه ومات من يومه، وروى انّ امير المؤمنين (ع) كان ذات يوم جالساً بالرّحبة والنّاس مجتمعون اليه فقام اليه رجل فقال: يا امير المؤمنين (ع) انّك بالمكان الّذى انزل الله به وابوك يعذّب بالنّار...! فقال له: مه، فضّ الله فاك والّذى بعث محمّداً (ص) بالحقّ نبيّاً لو شفع ابى فى كلّ مذنبٍ على وجه الارض لشفّعه الله تعالى فيهم، لابى يعذّب بالنّار وابنه قسيم النّار؟- ثمّ قال: والّذى بعث محمّداً (ص) بالحقّ انّ نور ابى طالب (ع) يوم القيامة ليطفئ انوار الخلق الاّ خمسة انوارٍ؛ نور محمّدٍ (ص) ونورى ونور فاطمة (ع) ونور الحسن ونور الحسين (ع) ومن ولّده من الائمّة (ع) لانّ نوره من نورنا الّذى خلقه الله عزّ وجلّ من قبل خلق آدم (ع) بألفى عامٍ.