التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١٠٧
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لم يقل ففى رحمة الله خالدون لتأكيد دخولهم فى الرّحمة وللبسط فى مقام المحبّة وانّما لم يأت بالنّشر مطابقاً للّف لان يكون فتح الآية وختمها بالرّحمة واهلها وخالف بين الفقرتين فانّ التوفيق بينهما ان يقول وامّا الّذين ابيضّت وجوههم ابقيتم على ايمانكم فادخلوا الرّحمة بما كنتم تؤمنون لكن لمّا كان التقريع على السيّئة اسوء عقوبة للمسيء اراد ان يبيّن انّهم يقرّعون اوّلاً ثمّ يدخلون العذاب ولمّا كان العذاب لا يحسّون به الاّ فى الآخرة وان كانت جهنّم محيطة بهم لكنّهم لا يدخلونها ولا يحسّون بالمها الاّ فى الآخرة لكون اعضائهم خدرة فى الدّنيا ولبقائهم فى ابواب الرّحمة خارج جهنّم رحمة بهم لعلّهم يتنبّهون ويرجعون ما لم يبطلوا فطرتهم الانسانيّة ولذلك يقال لهم فى الآخرة: ادخلوا ابواب جهنّم لانّهم لم يدخلوا ابوابها بعدُ قال تعالى فى حقّهم تفريعاً على تقريعهم فى الآخرة: { فذوقوا العذاب }؛ بخلاف المؤمنين لانّ التهنئة على البقاء على الايمان ليست تشبه الجزاء لهم وانّهم داخلون فى الرّحمة من حين كونهم فى الدّنيا فاسقط التّذكرة بالبقاء على الايمان فى جزائهم وأتى بالرّحمة مشعراً بدخولهم فيها من غير انتظار الآخرة ولم يقل بما كنتم تؤمنون لانّ دخول الرّحمة ليس الاّ بمحض الفضل بخلاف دخول العذاب فانّه بفعل العباد، وروى عن النّبىّ (ص) ما يدلّ على انّ المراد بهم مخالفو علىٍّ (ع) ومتّبعوه فانّه (ص) قال: "يرد علىّ امّتى يوم القيامة على خمس رايات؛ فراية مع عجل هذه الامّة فأسألهم ما فعلتم بالثّقلين من بعدى؟ - فيقولون: أمّا الاكبر فحرّفناه ونبذناه وراء ظهورنا، وامّا الاصغر فعاديناه وابغضناه وظلمناه، فاقول: ردوا النّار ظماءً مظمئين مسوّدةً وجوهكم، ثمّ يرد علىّ راية مع فرعون هذه الامّة فاقول لهم: ما فعلتم بالثّقلين من بعدى؟ - فيقولون: امّا الاكبر فحرّفناه ومزّقناه وخالفناه، وامّا الاصغر فعاديناه وقاتلناه فاقول: ردوا النّار ظماءً مظمئين مسوّدة وجوهكم، ثمّ يرد علىّ راية مع سامرىّ هذه الامّة فاقول لهم: ما فعلتم بالثّقلين من بعدى؟ - فيقولون: امّا الاكبر فعصينا وتركنا؛ وامّا الاصغر فخذلنا وضيّعنا، فاقول: ردوا النّار ظماءً مظمئين مسوّدة وجوهكم، ثمّ يرد علىّ راية ذى الثديّة مع اوّل الخوارج واخرهم فاسألهم: ما فعلتم بالثّقلين من بعدى؟ - فيقولون: امّا الاكبر فمزّقناه وبرئنا منه، وامّا الاصغر فقاتلنا وقتلنا، فاقول: ردوا النار ظماءً مظمئين مسوّدةً وجوهكم، ثمّ يرد علىّ راية امام المتّقين وسيّد - المسلمين وقائد الغرّ المحجّلين ووصىّ رسول ربّ العالمين فاقول لهم: ماذا فعلتم بالثّقلين من بعدى؟ - فيقولون: امّا الاكبر فاتّبعناه واطعناه؛ وامّا الاصغر فاحببنا ووالينا ونصرنا حتّى اهريقت فيه دمائنا، فاقول: ردوا الجنّة رواءً مرويّين مبيضّة وجوهكم ثمّ تلا رسول الله (ص). { يوم تبيّض وجوهٌ الى قوله خالدون }" .