التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ
١٨١
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ } لمّا ذمّ البخل والمنع توهّم انّ الله يحتاج فى اصلاح حال الفقراء الى الاغنياء وكأنّه قيل: هل له حاجة الى انفاق المنفق؟ - فقال تعالى ردّاً لهذا الوهم وسدّاً لهذا الخيال: لقد سمع الله { قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } قالت اليهود ذلك لمّا سمعوا: { { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [البقرة: 245] وقيل كتب النّبىّ (ص) مع أبى بكر الى يهود بنى قينقاع يدعوهم الى الاسلام وما عليه المسلمون من اقام الصّلاة وايتاء الزّكاة وان يقرضوا الله قرضاً حسناً، فدخل ابو بكر بيت مدارستهم فوجد ناساً كثيراً منهم اجتمعوا الى رجل منهم، فدعاهم الى الاسلام والصّلاة والزّكاة وان يقرضوا الله قرضاً حسناً فقال ذلك الرّجل: فانّ الله فقير والاّ لما استقرضنا اموالنا فلطمه ابو بكرٍ ونزلت الآية { سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } قرئ سنكتب بالتّكلّم وبالغيبة على صيغة المجهول وقتلهم بالنّصب وبالرّفع { وَنَقُولُ } قرئ بالتّكلّم وبالغيبة { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } وفيه تأكيد فى التّهديد من حيث اقتران ما قالوه بقتل الانبياء (ع) وكتابته وضبطه بنفسه ثمّ ذكر الجزاء بالعذاب الحريق والاخبار باستهزائه بهم حين العذاب، والذّوق ادراك المطعوم ثمّ اتّسع فيه فاستعمل فى كلّ ادراك ملذّ او مولم، وانّما اختار الذّوق الّذى يكون فى المطعوم هاهنا لانّ العذاب مرتّب على قولهم وهذا القول ناشئٍ عن البخل والتّهالك على المال وغالب حاجة الانسان الى المال تكون لتحصيل المطاعم ولذلك كثر ذكر الاكل مع المال.