التفاسير

< >
عرض

فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٣٧
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا } مع انوثتها من المنذور لخدمة بيت المقدّس ولم يقبل قبلها انثى فى ذلك او المعنى تقبّلها وتكفّل امرها بحيث ما عرتها علّة ساعة من ليل او نهار او تقبّلها بتكفيل نبيّه لها { بِقَبُولٍ حَسَنٍ } الباء فيه مثل الباء فى قوله { { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } [الإسراء: 52] فالباء فيه للمصاحبة او للآلة وحسن قبولها اخذها مقام الذّكر وحفظها من الآفات وتسلّمها عقيب ولادتها قبل ان تكبر وتصلح للخدمة وتكفيلها زكريّا نسب الى الرّواية انّ حنّة لمّا ولدتها لفّتها فى خرقة وحملتها الى المسجد ووضعتها عند الاحبار وقالت: دونكم هذه النذيرة فتنافسوا فيها لانّها كانت بنت امامهم وصاحب قربانهم فانّ بنى ماثان كانوا رؤس بنى اسرائيل وملوكهم فقال زكريّا: انا احقّ بها عندى خالتها فأبوا الاّ القرعة وكانوا سبعة وعشرين فانطلقوا الى نهر فالقوا فيه اقلامهم فطفى قلم زكريّا ورسبت اقلامهم فتكفّلها { وَأَنبَتَهَا } من حنّة او انماها فى نفسها { نَبَاتاً } امّا مصدر من غير لفظ الفعل او حال موطّئة للتّوصيف يعنى انبتها حال كونها نباتاً { حَسَناً } بان سوّى خلقها او بان جعلها بحيث كانت تنمو فى يوم ما ينمو غيرها فى عام، او جعلها بحيث صامت نهارها وقامت ليلها وتبتّلت الى الله حين بلغت حتّى فاقت الاحبار { وَكَفَّلَهَا } الله { زَكَرِيَّا } كما سبق وقرئ بتخفيف الفاء وزكريّا كان من ولد سليمان وفيه ثلاث لغات المدّ والقصر وتشديد الياء بدون الالف ولما كفّل زكريّا مريم بنى لها بيتاً واسترضع لها او ضمّها الى خالتها امّ يحيى حتى اذا شبّت وبلغت مبلغ النّساء بنى لها محراباً فى المسجد وجعل بابه فى وسطه لا يرقى اليها الاّ بسلّم مثل باب الكعبة ولا يصعد اليها غيره وكان يأتيها بطعامها وشرابها ودهنها كلّ يوم { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ } اى بيّتها سمّى محراباً لكونه معبدها ومحلّ محاربتها للشّيطان { وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً } فاكهة فى غير حينها غضّاً طريّاً والجملة جواب كلّما { قَالَ } جواب سؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: ما قال لها كلّما وجد عندها رزقاً؟ - فقال تعالى: قال { يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا } كيف لك او من اىّ مكانٍ لك هذا الرّزق وهو للتعجّب { قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إنًّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } استئناف فى مقام التّعليل.