التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ
٢٠
-لقمان

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَلَمْ تَرَوْاْ } جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ ناش من قوله { لَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } كأنّه قيل: لقد آتيت لقمان الحكمة فما لنا لم نؤت الحكمة؟- فقال تعالى: قد آتيناكم اسباب حصول الحكمة فيكم من مدارككم الظّاهرة ومدارككم الباطنة وتسخير جميع ما فى السّماوات وجميع ما فى الارض لكم بحيث يمكن لكم الاستدلال بها على مبدءٍ عليمٍ قديرٍ مريدٍ رحيمٍ رؤفٍ لطيفٍ فى علمه وعمله متقنٍ لصنعه، وعلى انّ الانسان اشرف الموجودات، وانّ الكلّ مخلوق لاجل بقائه وانتفاعه، وان ليس المقصود منه تعمير هذه الدّار الفانية والاّ كان مثل سائر المواليد موجوداً لاجل غيره، وانّه ينبغى له ان لا يتوقّف على تعيّش هذا العالم بل لا بدّ ان يجعل تعيّشه فى الدّنيا مقدّمة للآخرة، وانّ كلّ ما لم يكن مقدّمة للآخرة من جهات هذا العالم فهو فانٍ غير باقٍ لا ينبغى للعاقل ان يتوسّل به ويتوقّف عليه وليس الحكمة الاّ هذا فان لم تتفكّروا ولم تتّصفوا بها كان من قبلكم { أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } من الكواكب والملائكة الموكّلة بالسّماوات وكواكبها بحيث لم يتوانوا آناً ما من تحريك الاجسام الّتى بها وبتحريكها يتولّد المواليد وتبقى { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من الدّوابّ والنّبات والمعادن بحيث لا يتأبّى من تصرّفكم باىّ تصرّفٍ شئتم فما فى السّماوات مسخّر لله لاجل انتفاعكم وما فى الارض مسخّر لله ولكم لاجل انتفاعكم { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } النّعم الظّاهرة كلّ ملائمٍ لك له تعلّق بظاهرك المحسوس من المأكول والمشروب والملبوس والمسكن والمركوب والمنكوح والعزّ والعرض والحشمة والصّيت والمدارك الظّاهرة والاعضاء وغير ذلك، وأشرف الكلّ ما له تعلّق بظاهرك ومع ذلك يكون جالباً للنّعم الباقية الاخرويّة من الرّسول ورسالته وقبول رسالته بالبيعة العامّة والدّعوة الظّاهرة واحكام رسالته والعمل بها، والنّعم الباطنة ما له تعلّق بباطنك من المدارك الباطنة والادراكات الدّقيقة بالتّفكّرات الدّقيقة والنّفس والقلب والعقل والاستعداد للخروج من هذه الدّار، واشرف الكلّ الولىّ (ع) وولايته وقبول ولايته بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة واحكام الولاية، وقد اشير الى ذلك فى الاخبار فعن الباقر (ع) وولايته وقبول ولايته بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة واحكام الولاية، وقد اشير الى ذلك فى الاخبار فعن الباقر (ع) امّا النّعمة الظّاهرة فالنّبىّ (ص) وما جاء به من معرفة الله وتوحيده وامّا النّعمة الباطنة فولايتنا اهل البيت (ع) وعقد مودّتنا، وعن الكاظم (ع): النّعمة الظّاهرة الامام الظّاهر والباطنة الامام الغائب، وكأنّه كان اشارة الى الفكر المصطلح للصّوفيّة من ظهور ملكوت ولّى الامرعلى صدر السّالك { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } قد مضى الآية بتمام اجزائها فى سورة الحجّ.