التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٥٠
-الأحزاب

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } اى مهورهنّ فانّ المهر اجرٌ للبضع { وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ } افرد العمّ والخال دون العمّة والخالة لارادة الجنس من الخال والعمّ وتوهّم الافراد من العمّة والخالة لو افردتا لوجود التّاء الّتى توهم الافراد { ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } القيود الثّلاثة ليست قيوداً للاحلال لما سيأتى من الاخبار انّ الله تعالى احلّ له ما شاء من النّساء وانّما ذكر القيود تشريفاً له (ص) فى الاوّلين وتشريفاً للنّساء فى الاخير، وقيل: انّها قيود للاحلال، ونقل عليه خبر من طريق العامّة وانّما ذكر احلال الازواج مع انّهنّ كن محلّلاتٍ له وكنّ فى بيوته رفعاً لما قال بعض وتوهّم بعض من انّه (ص) حرّم على امّته ازيد من اربع ونكح هو ازيد من اربع ولا ينبغى ان يكون كذلك، والدّليل عليه قوله قد علمنا ما فرضنا عليهم فى ازواجهم معترضة بين بيان احلال ازواجه { وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } التفت من الخطاب الى الغيبة اشعاراً بانّ هذا الحكم لشرافة النّبوّة { إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ } تأكيدٌ لما استفيد من اختصاص هذا الحكم بحيثيّة النّبوّة، وخالصةً مصدرٌ لمحذوفٍ اى خلص هذا الحكم خلوصاً لك، او اسم فاعل والتّاء للمبالغة وحال عن محذوفٍ اى قلنا هذا الحكم خالصةً، او حكمنا هذا الحكم خالصةً، او التّاء للتّأنيث والتّقدير ذكرنا هذه الهبة خالصةً لك، وغير ما ذكر من وجوه اعرابها ضعيفٌ جدّاً { مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } الظّرف حال من الضّمير المجرور فى لك، عن الباقر (ع): جاءت امرأة من الانصار الى رسول الله (ص) فدخلت عليه فى منزل حفصة والمرأة متلبّسة متمشّطة فقالت: يا رسول الله (ص) انّ المرأة لا تخطب الزّوج وانا امرأة أيّم لا زوج لى منذ دهرٍ ولا ولد فهل لك من حاجة؟ فان يك فقد وهبت نفسى لك ان قبلتنى، فقال لها رسول الله (ص) خيراً ودعا لها، ثمّ قال: يا اخت الانصار جزاكم الله عن رسول الله خيراً فقد نصرنى رجالكم ورغبت فىّ نساؤكم، فقالت لها: حفصة ما اقلّ حياءك واجرأك وانهمك للرّجال.،! فقال لها رسول الله (ص): كفّى عنها يا حفصة، فانّها خير منك رغبت فى رسول الله فلمتها؟! وعيّبتها؟! ثمّ قال للمرأة انصرفى رحمك الله، فقد اوجب الله لك الجنّة لرغبتك فىّ وتعرّضك لمحبّتى وسرورى، وسيأتيك امرى ان شاء الله، فأنزل الله عزّوجلّ وامرأة مؤمنة (الآية) قال فأحلّ الله عزّ وجلّ هبة المرأة نفسها لرسول الله (ص) ولا يحلّ ذلك لغيره وقد ذكر انّ هذا الحكم من خصائصه (ص) وليس لغيره ان ينكح بهبة المرأة نفسها من دون مهرٍ، وقيل: انّ الرّسول (ص) لم يكن عنده امرأة وهبت نفسها له، وقيل: بل كانت عنده ميمونة بنت الحارث بالهبة، وقيل: هى زينب بنت خزيمة المكنّاة بامّ المساكين، وقيل: كانت امرأة من بنى اسدٍ يقال لها امّ شريكٍ، وقيل: كانت خولة بنت حكيمٍ، وعن الصّادق (ع) انّه قال: تزوّج رسول الله (ص) بخمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشرة منهنّ، وقبض عن تسعٍ فامّا اللّتان لم يدخل بهما فعمرة والشّنباء، وامّا الثّلاث عشرة الّلاتى دخل بهنّ فأولهنّ خديجة بنت خويلد ثمّ سودة بنت زمعة ثمّ امّ سلمة واسمها هند بنت ابى اميّة، ثمّ امّ عبدالله عائشة بنت ابى بكر، ثمّ حفصة بنت عمر، ثمّ زينب بنت خزيمة بن الحارث امّ المساكين، ثمّ زينب بنت جحشٍ، ثمّ امّ حبيبة رملة بنت ابى سفيان، ثمّ ميمونة بنت الحارث، ثمّ زينب بنت عميس، ثمّ جويرية بنت الحارث، ثمّ صفيّة بنت حىّ بن اخطب، والّتى وهبت نفسها للنّبىّ خولة بنت حكيم السّلمى وكان له (ص) سريّتان يقسم لهما مع ازواجه مارية القبطيّة وريحانة الخندقيّة، والتّسع اللّواتى قبض عنهنّ عائشة، وحفصة، وامّ سلمة، وزينب بنت جحش، وميمونة بنت الحارث، وامّ حبيبة بنت ابى سفيان، وصفيّة وجويرية وسودة، وافضلهنّ خديجة بنت خويلد، ثمّ امّ سلمة، ثمّ ميمونة { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ } حقّ { أَزْوَاجِهِـمْ } من العدد والقسم { وَمَا مَلَكَتْ } اى فى حقّ ما ملكت { أَيْمَانُهُمْ } من الاماء من التّوسعة عليهنّ فى المعيشة وعدم التّضييق عليهنّ فى الخدمة والاقتصار على المملوكة ان لم يطيقوا الحرّة والاقتصار على حرّةٍ واحدةٍ ان خافوا عدم العدالة وهذه الجملة معترضة وجوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: لم احلّت للرّسول (ص) ازيد من الاربع ولم يحلّ لامّته ازيد منها؟ بل لم يحلّ لهم اكثر من واحدة ان خافوا ان لا يعدلوا؟- فقال: قد علمنا سبب ذلك فيه وفيهم وليس هذا الحكم فيه وفيهم من غير سببٍ واستحقاقٍ والجاهلون للاسباب يلومونه على ما فرض الله عليه { لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ } متعلّق باحلّ او بخالصة لك او بعامل امرأة مؤمنة يعنى انّك خرجت من التّقييد وصرت مطلقاً ولا ينبغى ان يكون عليك حرجٌ فيما اردت { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } فيغفر ما يلزمك من تعدّد الازواج من تكدّر قلبك بالكثرات وتعدّد الازواج، او يغفر لمن يلومك فى تعدّد الازواج من جهله بسببه { رَّحِيماً } يرحمك فيحفظك ممّا يشينك فى الدّنيا من تعدّد الازواج، او يرحمك فى الآخرة بالتّوسعة عليك فى مقامك، او يرحمهم فيحفظهم ممّا يخرجهم من الايمان فى ملامتك، او يرحمهم فى الآخرة.