التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ
١٤
-سبأ

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ } اى الارضة وهى بتحريك الرّاء دويبة معروفة تأكل الخشب وتجعله كالارض وفعلها يسمّى ارضاً بمعنى اكل الخشب وجعله كالارض لانّها تجعل سطح الخشب من الطّين الّذى تجعله عليه كالارض واضافتها الى الارض اضافة الفاعل الى الفعل او اضافة الفاعل الى ما يجعل المنفعل مثله، ومفعول دلّهم راجع الى الجنّ او الى الانس او الى المجموع { تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ } اسم آلة من نسأه اذا طرده او دفعه او ساقه { فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } روى عن الرّضا (ع): انّ سليمان بن داود (ع) قال ذات يوم لاصحابه: انّ الله تعالى وهب لى ملكاً لا ينبغى لاحدٍ من بعدى سخّر لى الرّيح والانس والجنّ والطّير والوحوش وعلّمنى منطق الطّير وآتانى من كلّ شيءٍ، ومع جميع ما اوتيت من الملك ما تمّ لى سرور يومٍ الى اللّيل وقد احببت ان ادخل قصرى فى غدٍ فاصعد اعلاه وانظر الى ممالكى ولا تأذنوا لاحدٍ علىّ لئلاّ يرد علىّ ما ينغّص علىّ يومى، قالوا: نعم، فلمّا كان من الغد اخذ عصاه بيده وصعد الى اعلى موضعٍ من قصره ووقف متّكئاً على عصاه ينظر الى ممالكه مسروراً بما اوتى فرحاً بما اعطى اذ نظر الى شابٍّ حسن الوجه واللّباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره فلمّا بصر به سليمان (ع) قال له: من أدخلك الى هذا القصر؟ وقد اردت ان اخلو فيه اليوم؟ فباذن من دخلت؟- قال الشّابّ: ادخلنى هذا القصر ربّه وباذنه دخلت، فقال: ربّه احقّ به منّى: فمن انت؟- قال انا ملك الموت، قال: وفيما جئت؟- قال: جئت لاقبض، قال: امض لما امرت به فهذا يوم سرورى، وابى الله عزّ وجلّ ان يكون لى سرور دون لقائه، فقبض ملك الموت روحه وهو متّكىٌ على عصاه، فبقى سليمان (ع) متّكئاً على عصاه وهو ميّت ما شاء الله والنّاس ينظرون اليه وهم يقدّرون انّه حىّ فافتتنوا فيه واختلفوا، فمنهم من قال: قد بقى سليمان (ع) متّكئاً على عصاه هذه الايّام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب، انّه لربّّنا الّذى يجب علينا ان نعبده، وقال قوم: انّ سليمان (ع) ساحرٌ وانّه يرينا انّه واقف متّكئ على عصاه بسحر اعيننا، وليس كذلك فقال المؤمنون: انّ سليمان (ع) هو عبدالله ونبيّه يدبّر الله امره بما يشاء فلمّا اختلفوا بعث الله عزّ وجلّ الارضة فدبّت فى عصاه فلمّا اكلت جوفها انكسرت العصا وخرّ سليمان (ع) من قصره على وجهه، فشكرت الجنّ للارضة صنيعها فلاجل ذلك لا توجد الارضة فى مكانٍ الاّ وعندها ماءٌ وطين وذلك قول الله عزّ وجلّ: فلمّا قضينا عليه الموت ما دلّهم على موته الاّ دابة الارض تأكل منسأته يعنى عصاه فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ ان لو كانوا (الآية) ثمّ قال الصّادق (ع)، والله ما نزلت هذه الآية هكذا وانّما نزلت فلمّا خرّ تبيّنت الانس انّ الجنّ لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين، وعن النّبىّ (ص): "عاش سليمان بن داود سبعمائة سنة واثنتى عشرة سنةً" .