التفاسير

< >
عرض

يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ ٱلْغَفُورُ
٢
-سبأ

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِي ٱلأَرْضِ } اى ما يدخل فى ارض عالم المثال العلوىّ من اشعّة العقول والنّفوس، ومن صور علوم العقول والنّفوس، ومن الافاضات الّلاتى تفيض عليها من العالم المثال العلوىّ الّتى بها بقاؤها ورزقها، والّتى تفيض عنها الى ما دونها من عالم الطّبع وعالم الجنّة ويعلم ما يلج فى الارض الّتى هى جملة عالم الطّبع من اشعّة العقول والنّفوس وعالم المثال، وممّا يفيض عليها ممّا به بقاؤها ورزقها، ومن الصّور الّتى تفيض على اجرامها، ومن الوجود الّذى يتجدّد على جملة اجزائها آناً فآناً ويعلم ما يلج فى الارض العنصريّة من اشعّة العقول والنّفوس وعالم المثال واشعّة كواكب الافلاك وصور المواليد والقوى والاستعدادات الّتى تدخل فيها بعد امتزاجها بسائر العناصر وتولّد المواليد منها وهكذا الاستعدادات الّتى تدخل فى جملة المواليد ويعلم المياه الّتى تدخل فيها من البحار والانهار والامطار وما يستحيل من الهواء اليها ومن الاجزاء الرّشيّة الهوائيّة الّتى تدخل فى تجاويفها، ومن الحبوب والعروق الّتى تدخل فيها، ويعلم ما يلج فى الارض الّتى هى عالم الجنّة من القوى والاستعدادات، ومن الاناسىّ الّذين يدخلون فى عالمهم من الاشقياء الّذين يصيرون من سنخهم، وممّا يفيض عليها من العلويّين ومن القوى والاستعدادات الّتى تتولّد فيها من تأثير العلويّين، ويعلم ما يلج فى عالم البرزخ المسمّى بهور قوليا فى لسان الاقدمين فانّه مدينة لها الف الف بابٍ، وفى النّزول يدخل فيها كلّ يوم من ابوابها المشرقيّة ما لا يحصى عددهم من الملائكة النّازلة، ويدخل فيها من تلك الابواب ما لا يحصى ممّا يفيض على ما دونها من عالم الطّبع وعالم الجنّة، وفى الصّعود يدخل فيها كلّ يومٍ بل كلّ آنٍ ما لا يحصى عددهم من الملائكة الصّاعدين والنّفوس البشريّة المنخلعة عن الابدان الصّاعدة الى المثال العلوىّ وعالم الارواح، او النّازلة الى عالم الجنّة والجحيم { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } يمكن ان يعلم ذلك بالمقايسة { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ } الّذى يرحم عباده وخلقه بان لا يقطع مدد حيٰوتهم ورزقهم منهم مع ما يرى منهم من قبائح اعمالهم ومع ما يعرج منهم الى السّماوات من الاعمال السّيّئة الّتى ينبغى ان يعذّبوا عليها { ٱلْغَفُورُ } الّذى يستر قبائح اعمالهم عن الاناسىّ والملائكة بل عن انفسهم.