التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ
٨
-الزمر

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ } عطف على قوله ان تكفروا يعنى كيف تكفرون واذا مسّكم ضرّ تلتجؤن اليه لا الى غيره يعنى انّكم مفطورون على الاقرار به والالتجاء اليه فليس كفركم ولا كفرانكم لنعمه الاّ لستر ما انتم مفطورون عليه { دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ } لما سبق انّ الخيال بتصرّف المتخيّلة يمنع العاقلة عن التّدبير والتّصرّف ويستر نصحه وردعه وحين مسيس الضّرّ يسكن الخيال عن التّصرّف فيظهر الفطرة وحكم العقل { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ } اعطاه تفضّلاً فانّه لا يستعمل الاّ فى هذا المعنى { نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } يعنى نسى الضّرّ الّذى يدعو الله الى دفعه، او نسى اللّطيفة الغيبيّة الّتى كان يدعو قواه واهل مملكته حين الضّرّ اليها فانّ التجاءه اليه دعوة لجميع اهل مملكته اليه، وان كان نزوله فى ابى الفضيل كما ورد، فانّه روى عن الصّادق (ص) انّها نزلت فى ابى الفضيل انّه كان رسول الله (ص) عنده ساحراً فكان اذا مسّه الضّرّ يعنى السّقم دعا ربّه منيباً اليه يعنى تائباً اليه من قوله فى رسول الله (ص) ما يقول ثمّ اذا خوّله نعمة منه يعنى العافية نسى ما كان يدعو اليه من قبل يعنى نسى التّوبة الى الله تعالى ممّا كان يقول فى رسول الله (ص): انّه ساحر، ولذلك قال الله عزّ وجل: { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } يعنى امرتك على النّاس بغير حقٍّ من الله عزّ وجلّ ومن رسوله (ص) قال ثمّ عطف من الله عزّ وجلّ فى علىٍّ (ع) يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى فقال: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ } (الآية) { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً } امثالاً وشركاء مثل الاصنام والكواكب او جعل لله انداداً فى وجوده من اهوية نفسه ومشتهياتها { لِيُضِلَّ } النّاس او اهل مملكته { عَنْ سَبِيلِهِ } وقرئ ليضلّ بفتح الياء { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً } يا ابا الفضيل او يا ابا فلانٍ او يا ايّها المنصرف من باب القلب الى باب النّفس ومشتهياتها { إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } فانّ الانصراف من الله ومن الولاية ومن علىّ (ع)، او من باب القلب ليس الاّ للمبتلى بدواعى النّفس، ودواعى النّفس ليست الاّ الشّواظ من النّار.