التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً
١٣٦
-النساء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ } بالايمان العامّ والبيعة على يد محمّد (ص) وقبول دعوته الظّاهرة { آمِنُواْ } بالايمان الخاصّ والبيعة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة، فانّ الاسلام وهو البيعة العامّة النّبويّة واخذ الميثاق على اعطاء الاحكام القالبيّة والتّوبة على يد محمّد (ص) قد يسمّى ايماناً، لانّه طريق اليه وسبب لحصوله، والايمان حقيقة هو البيعة الولويّة والتّوبة على يد علىّ (ع) او على يد محمّد (ص) من حيث ولوتيه واخذ الميثاق على اعطاء الاحكام القلبيّة وادخال الايمان فى القلب، ولذلك قال فى انكار ايمان المدّعين للايمان: { { وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } [الحجرات:14] فعلى هذا لا حاجة الى التّكلّفات البعيدة الّتى ارتكبها المفسّرون { بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِيۤ أَنَزلَ مِن قَبْلُ } يعنى انّ الايمان بمحمّد (ص) بقبول دعوته الظّاهرة اسلام وانقياد له وتقليد محض لا معرفة فيه ولا تحقيق، وانّما يحصل المعرفة من طريق القلب فآمنوا بعلىّ (ع) بقبول دعوته الباطنة حتّى يدخل الايمان فى قلوبكم ويفتح ابواب قلوبكم الى الملكوت فتعرفوا الله ورسوله (ص) وكتابه الجامع الّذى هو النّبوّة، وكامله فى محمّد (ص) وصورته القرآن وناقصه كان فى الانبياء السّلف وصورته التّوراة والانجيل والصّحف والزّبور وغيرها، وللاشارة الى الفرق بين نبوّة محمّد (ص) ونبوّة غيره بالكمال والضّعف قال فى الاوّل نزّل بالتّفعيل الّذى فيه تعمّل وفى الثّانى انزل خالياً منه وقرئ فيهما بالبناء للمفعول { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ذكرهم بالتّرتيب من المبدء الى المنتهى، فانّ المراد بالملائكة العقول وبالكتب النّبوّات واحكامها فانّها نزولاً بعد الملائكة والرّسالة بعد النّبوة، والكفر بها مسبّب عن الكفر بالولاية وعدم قبول الدّعوة الباطنة، فانّه ما لم يدخل الايمان بالبيعة على يد علىّ (ع) فى القلب لا ينفتح بابه، وما لم ينفتح بابه الى الملكوت لم يعرف شيءٌ منها كما عرفت ولذلك اتى به بعد الامر بالايمان بعلىّ (ع) { فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } وصف بحال المتعلّق وتهديد بليغ للمنحرفين عن الولاية وعن قبول الايمان على يد علىّ (ع).