التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
٨٣
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً
٨٤
-النساء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } عطف على مجموع اذا برزوا من عندك، او على جزائه اعنى بيّت طائفة، او عطف على لا يتدّبرون القرآن، او على مجموع افلا يتدّبرون القرآن باعتبار المقصود، او حال يعنى اذا جاءهم خبر من سراياك او من جانب العدوّ او من قولك بوعد الفتح او الوعيد من العدوّ اذاعوه لعدم توكّلهم وعدم ثباتهم فى الايمان، وكذا اذا جاءهم امر فى باطنهم من المنامات او الحالات او الخيالات والخطرات المبشّرة او المخوّفة اذاعوه { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ } اى وكلوه اليهم ولا يتكلّموا فيه بشيءٍ او اظهروه عليهم لا على غيرهم { لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } امّا من قبيل وضع الظّاهر موضع المضمر اشعاراً بانّهم اهل الاستنباط، او المراد باولى الامر اعمّ من امراء السّرايا، والمستنبطون هم الرّسول (ص) واوصياؤه (ع) { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } خاطبهم تفضّلاً وتلطفاً لمحمّد (ص) وعلىّ (ع) بعد ما ذمّهم على ضعف عقيدتهم وسوء صنيعتهم، وفضل الله هو الرّسالة، ولمّا كان الرّسالة من شؤن الرّسول وسعة صدره ومتّحدة معه صحّ تفسيره بالرّسول وهو ههنا محمّد (ص) ورحمته هى الولاية والولاية ايضاً متّحدة مع الولىّ فصحّ تفسيرها به وهو ههنا علىّ (ع) ولذلك فسّرا بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) فى اخبارنا، ولمّا كان محمّد (ص) اصلاً فى الولاية وان كانت الرّسالة فيه اظهرو علىّ (ع) خليفة فى الرّسالة وان كانت الولاية فيه اظهر صحّ تفسير الفضل بعلىّ (ع) والرّحمة بمحمّد (ص) كما فى الخبر، يعنى انّا لا نخذلكم مع سوء صنيعكم بواسطة محمّد (ص) وعلىّ (ع)، ولولا محمّد (ص) وعلىّ (ع) قائماً عليكم حافظاً لكم { لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعنى اذا علمت حال قومك من الجبن والفشل والتّبيت بخلاف طاعتك وعدم حفظهم لما سمعوا من الاخبار وتوّكلت على الله وعلمت كفايته لك فقاتل فى حفظ سبيل الله واعلائه، او حال كونك فى سبيل الله، او فى ولاية علىّ (ع) فانّها سبيل الله وعلىّ (ع) بنفسه ايضاً سبيل الله ولا تبال باعانة قومك وعدمها { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } اى الاّ فعل نفسك واصلاحها او اصلاح علىّ (ع) لانّه نفسك والجملة حال او مستأنفة جواب لسؤال مقدّر فى مقام التّعليل او فى مقام بيان الحال { وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } لانّك ان لم تحتج اليهم فانّهم محتاجون اليك فى اصلاحك لهم والمقاتلة اصلاح لهم لانّها تورث التّشجّع والتّمكّن والثّبات والتّوكّل { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعنى قريشاً على ما روى انّها نزلت فى موعد بدر الصّغرى وتثبّط القوم عن الخروج فخرج (ص) وما معه الاّ سبعون رجلاً { وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } اى تعذيباً من الكفّار عطف على ما يستفاد من ذكر بأس الكفّار يعنى لهم بأس والله اشدّ او حال عن الله او عن الّذين كفروا، ولمّا قال حرّض المؤمنين بعد الاشارة الى استغنائه عن الغير وكفاية الله له وامره بالقتال وحده صار المقام مناسباً لان يقال: ولم امرت بتحريض المؤمنين؟ - او صار المقام مقام ان يقال: الا ادلّ الكفار على الخير والا انصحهم وكيف حال من نصحهم وما ينبغى ان يفعل المؤمنون بمن نصحهم؟ - فقال جواباً لذلك