التفاسير

< >
عرض

ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
٦٢
كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٦٣
ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٦٤
-غافر

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ } الموصوف بانعام تلك النّعم { رَبُّـكُمْ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } اثبت اوّلاً ربوبيّته لهم حتّى يتنبّهوا بانّه المستحقّ للعبادة دون غيره الّذى لم يكن له سمة الرّبوبيّة ثمّ ذكر خالقيّته لكلّ الاشياء، ومنها معبوداتهم، ثمّ حصر الالهة فيه نفياً لالهة معبوداتهم بعد ما اشار الى عنايته بخلقه وافضاله عليهم ليظهر بطلان انصرافهم الى غيره قبل انكار الانصراف { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ كَذَلِكَ } الصّرف مع وضوح بطلانه { يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ } فى مقام ابدانكم ومقام ارواحكم { فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ } فى كلا المقامين { وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } من الارزاق الطّيّبة النّباتيّة الارضيّة فانّ رزق مقام نبات الانسان اطيب ارزاق سائر الحيوان بحسب الشّرف واللّطف واللّذّة والنّصح، ومن الارزاق الطّيّبة الحيوانيّة الارضيّة والسّماويّة فانّ رزق الحيوان هو الالتذاذ بغذاء النّبات والالتذاذ بادراك مدارك الحيوان ومن الارزاق الطّيّبة الانسانيّة السّماويّة من العلوم والمكاشفات والمعاينات والتّحقّق بالحقائق { ذَلِكُمُ } الموصوف بتلك الاوصاف { ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } مدح نفسه على خلق الانسان وتهيّة رزقه بحسب جملة مقاماته من ألطف المأكول والمشروب والمدرك والمتخيّل والمعلوم والمكشوف لانّ فى خلقه دقائق عظيمة عديدةً وصنائع متقنة وحكماً بالغة يعجز عن ادراكها العقول، وكذا فى تهيّة اسباب رزقه بحسب مقاماته الثّلاثة.