التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ
٦٧
-غافر

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } ذكر نعمة اخرى بطريق تعداد النّعم او فى مقام التّعليل لقوله نهيت { مِّن تُرَابٍ } فانّ تولّد مادّة النّطفة ليس الاّ من حبوب النّبات وبقولها ولحوم الحيوان وألبانها والكلّ يحصل من التّراب { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } اتى بالثّلاثة منكّرة للاشارة الى انّ التّراب الحاصل منه مادّة النّطفة لا بدّ وان يكون تراباً مخصوصاً متكيّفاً بكيفيّة مخصوصة ممتزجاً مع سائر العناصر، وانّ النّطفة الّتى تصير مادّة الانسان تكون نطفةً مخصوصةً ممتازةً عن سائر النّطف وكذا العلقة { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ } عطف على لتكونوا او على محذوفٍ اى لتستكملوا فى نفوسكم ولتبلغوا { أَجَلاً مُّسَمًّى } ويكون قوله ومنكم من يتوفّى بين المعطوف والمعطوف عليه، او بين العلّة ومعلولها، او متعلّق بمحذوف اى ومنكم من يبقى لتبلغوا اجلاً مسمّى { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } تدركون بعقولكم، او تصيرون عقلاء، او تعقلون امر الآخرة من امر الدّنيا، فانّ الانتقالات فى الحالات اماتات واحياءات، وليدرك الانسان من تلك الانتقالات النّقلة العظمى وانّها ليست افناءً واستيصالاً بل هى افناء لصورةٍ واحياء بصورةٍ اتمّ واكمل، وقد سبق فى سورة الحجّ الآية باكثر اجزائها مع بيانٍ لها.