التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٩
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ
١٠
-فصلت

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ } الّتى هى مقرّ قراركم ومحلّ معاشكم { فِي يَوْمَيْنِ } قد يعبّر عن مراتب العالم باعتبارٍ بالامام، وباعتبارٍ بالاشهر، وباعتبارٍ بالاعوام، والارض اسمٌ لكلّ ما كان فيه جهة القبول اظهر وجهة الفاعليّة اخفى، وجملة عالم الطّبع وعالم المثال هكذا كان حالهما، والتّعبير عن هذين العالمين بالارض كثير، فالمراد بالارض الاجسام الظّلمانيّة والاجسام النّورانيّة وخلقهما ليس الاّ فى المرتبة الاخيرة النّازلة الّتى هى عالم الطّبع وفى المرتبة السّابقة عليها اعنى عالم المثال وقد عبّر عنهما باعتبار امد بقائهما باليومين، وقد مضى فى سورة الاعراف بيانٌ لخلق السّماوات والارض فى ستّة ايّامٍ وقد كان الارض باعتبار وجودها العينىّ مخلوقةً فى ذينك اليومين ولكنّها باعتبار وجودها المطلق مخلوقة فى ستّة ايّام كالسّماوات، والسّماوات يعنى سماوات الارواح باعتبار وجودها العينىّ مخلوقة فى اربعة ايّام، يوم النّفوس الجزئيّة، ويوم النّفوس الكلّيّة، ويوم العقول ويوم الارواح المعبّر عنها بيومين، يوم المدبّرات ويوم المجرّدات الصّرفة اى النّفوس والعقول بالمعنى الاعمّ وتقدير اقوات الارض والارضين ليس الاّ فى تلك الايّام الّتى هى ايّام السّماوات فانّه ينزّل من السّماء رزقاً لكم { وَتَجْعَلُونَ } مع ذلك { لَهُ أَندَاداً } لا يقدرون على شيءٍ ولا يخلقون ولا يرزقون { ذَلِكَ } الموصوف { رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا } لئلاّ تميد بكم ولتوليد الماء من تحتها ولسهولة جريان الماء من تحتها فى سفحها { وَبَارَكَ فِيهَا } فى الرّواسى او فى الارض فانّ الرّواسى بحسب التّنزيل منبع بركات الارض ومحلّ المعادن النّافعة والنّباتات النّافعة الغذائيّة والدّوائيّة، وبحسب التّأويل لا بركة الاّ منها، والارض محلّ البركات الكثيرة الّتى منها الانسان والنّفوس الكاملة الّتى لا بركة الاّ منها { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } حال كون الاقوات مساوية لجملة السّائلين بسؤال الحال والاستعداد لا تفاضل فيهم فى الاقوات المسؤلة بسؤال الحال وان كان سؤال القال قد يتخلّف المسؤل عنه ويتخلّف السّائلون فيه بحسب الاجابة وعدمها، او حال كون الاربعة الايّام سواء للسّائلين فانّ ايّام الآخرة نسبتها الى ما دونها نسبة الحقّ الى الخلق بالنّسبة الرّحمانيّة الّتى لا تفاوت فيها بالنّسبة الى شيءٍ من الاشياء، وقرئ سواء بالجرّ وبالنّصب وبالرّفع.