التفاسير

< >
عرض

شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
١٣
-الشورى

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ شَرَعَ لَكُم } اى جعل لكم مشرعاً وجادّة { مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً } الجمل السّابقة يحتمل كلّ منها كونه من قول الرّسول (ص) وكونه ابتداء كلامٍ من الله كما اشرنا اليه وكان قوله تعالى { وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } عطفاً على ما وصّى به نوحاً عطف المفرد ويجوز ان يكون مستأنفاً من الله سواء جعلت الجمل السّابقة من الله او من الرّسول (ص) ويكون حينئذٍ مبتدءً وخبره ان اقيموا الدّين او كبر على المشركين ويكون العائد مستتراً فى كبر وما تدعوهم اليه بدلاً منه { وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ } ان تفسيريّة او مصدريّة والدّين يطلق على الطّريق الى الله، والطّريق الى الله تكويناً هى الولاية التّكوينيّة وتكليفاً الولاية التّكليفيّة وقد فسّر بعلىٍّ (ع) وعلى الاعمال الّتى تعين السّالك على الطّريق فى سيره ولذلك يسمّى الملّة ديناً، واقامة الدّين بوصل كلّ مرتبة من الطّريق الى المرتبة الاخرى وبوصل اعمال كلّ مرتبةٍ منها الى اعمال المرتبة الاخرى نظير اقامة الصّلاة وقد مضى تفصيل اقامة الصّلاة فى اوّل البقرة { وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ } فى الدّين اى الاعمال الّلازمة للطّريق او نفس الطّريق او فى علىّ (ع) وولايته بان اختار كلّ عملاً وطريقاً مغايراً لعمل الآخر وطريقه، او بان يكون كلّ له طرقٌ عديدة واعمال مختلفة، او يكون فى عمله اهوية عديدة واغراض كثيرة { كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ } بالله او بالولاية { مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } من التّوحيد وحصر العبادة فى الله او من الولاية { ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ } اى يولّى بالاجتباء { إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ } فلا تحزن انت على ادبارهم عن الله او عن علىٍّ (ع) { وَيَهْدِيۤ } اى يوصل او يسلك { إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } من يرجع اليه، عن الصّادق (ع) ان اقيموا قال الامام (ع) ولا تتفرّقوا فيه كناية عن امير المؤمنين (ع) ما تدعوهم اليه من ولاية علىٍّ (ع) من يشاءُ كناية عن علىٍّ (ع) وبهذا المضمون وبالقرب منه اخبارٌ كثيرةٌ، ولمّا كان القرآن ذا وجوه كثيرة كان هذا احسن وجوهه.