التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
١٦
ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ
١٧
-الشورى

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ } اى يحاجّون الله فى علىٍّ (ع) بعد الموت او فى القيامة او فى عبادة الله ومعصيته بعد الموت او فى القيامة، او يحاجّون خلفاء الله والمؤمنين فى حقّ الله اى فى دينه او فى حقّيّته وثبوته او فى عبادته او فى الاشراك به او فى السّلوك اليه او فى توحيده او فى مظاهره يعنى فى نبوّتهم وخلافتهم خصوصاً فى خلافة علىٍّ (ع) او فى اعادته، وفى الجملة فى جملة صفاته الحقيقيّة او الاضافيّة وفى جملة افعاله وفى مظاهره { مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ } فى ندائه ونداء ملائكته للموت او فى ندائه فى القيامة للحساب، او من بعد ما استجيب له فى نداء خلفائه ودعوتهم وظهور حجّتهم وعدم بقاء الاشتباه فى حقّيّتهم، او من بعد ما استجيب للنّبىّ (ص) دعاءه على الكافرين والمشركين بقتلهم يوم بدرٍ وبقحط اهل مكّة وبنى مُضر، او من بعد ما استجيب للنّبىّ (ص) فى اعطاء المعجزات او من بعد ما استجيب لاجل النّبىّ (ص) فانّ اليهود كانوا يستفتحون بمحمّدٍ (ص) ويجابون فى استفتاحهم { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ } اى باطلة { وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ } لكونهم ظالمين فى محاجّتهم { وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ } كتاب النّبوّة والرّسالة او كتاب الولاية والقرآن صورة الكلّ { بِٱلْحَقِّ } بسبب الحقّ المخلوق به او متلبّساً بالحقّ والجملة مستأنفةٌ جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ وتسليةٌ للرّسول فى محاجّتهم كأنّه قيل: هل لهم ان يبطلوا الكتاب او يمنعوا عليّاً (ع) عن مقامه او يبطلوا الدّين؟ - فقال تعالى: الله لا غيره هو الّذى انزل الكتاب بالحقّ فلا يأتيه البطلان { وَٱلْمِيزَانَ } قد سبق فى اوّل سورة الاعراف وفى سورة الانبيا بيانٌ اجمالىّ للوزن والميزان، ولمّا كان المراد بالكتاب النّبّوة او الرّسالة او الولاية او الكتاب التّدوينىّ الّذى هو صورة الكلّ او الاحكام الملّيّة الّتى هى ايضاً صورة الكلّ وكان كلّ منها ميزاناً لوجود العباد واعمالهم واحوالهم واخلالقهم واقوالهم عطف على الكتاب الميزان { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } فلا تحزن على عدم مؤاخذتهم، والخطاب عامّ او خاصّ بالنّبىّ (ص) وتعريض بالامّة وتهديدٌ للكفّار ومنافقى الامّة، ولجعل قريب شبيهاً بالفعيل بمعنى المفعول قد يسوّى فيه بين المذكّر والمؤنّث.