التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ
٤
سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
٥
-محمد

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ } فاضربوهم ضرب الرّقاب { حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ } يعنى فاسروهم واحفظوهم بالوثاق، والوثاق بالكسر والفتح ما يوثق به { فَإِمَّا مَنًّا } اى تمنّون منّاً { بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } تخيير بين المنّ والفداء، او بيان لفائدة الحكم السّابق من دون تعرّضٍ لحكم المنّ والفداء { حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } بيانٌ لغاية ضرب الرّقاب وشدّ الوثاق يعنى انّ ضرب الرّقاب واسر الرّجال ليس الاّ ما دام الحرب قائمة فاذا انقضت الحرب فلا تتعرّضوا لهم، او المعنى حتّى لا يبقى محاربٌ وحرب فى بلادكم فيكون رفع المحاربة من البين علّةً غائيّةً للمحاربة، عن الصّادق (ع) انّه قال: كان ابى يقول: انّ للحرب حكمين؛ اذا كانت الحرب قائمة لم تضع اوزارها ولم يثخن اهلها فكلّ اسيرٍ اخذ فى تلك الحال فانّ الامام فيه بالخيار، ان شاء ضرب عنقه وان شاء قطع يده ورجله من خلافٍ بغير حَسْمٍ وتركه يتشحّط فى دمه حتّى يموت وهو قول الله عزّ وجلّ: { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ } [المائدة: 32] (الآية) قال والحكم الآخر اذا وضعت الحرب اوزارها وأثخن اهلها فكلّ اسيرٍ اخذ على تلك الحال فكان فى ايديهم فالامام فيه بالخيار ان شاء من عليّهم فأرسلهم، وان شاء فاداهم انفسهم، وان شاء استعبدهم فصاروا عبيداً { ذَلِكَ } اى الامر والسّنّة بحسب الاسباب ذلك، او ذلك حكم الله بحسب الاسباب، او خذوا ذلك والزموه بحسب الاسباب { وَ } لكن { لَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ } من دون امركم بقتالهم { وَلَـٰكِن } يأمركم بقتالهم { لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } فانّ فى الجهاد تحصيل خصالٍ عظيمةٍ لا يمكن تحصيلها الاّ به، وتهديداً عظيماً للكفّار حتّى يرغبوا فى التّوبة قبل الاستيصال { وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } قرئ قتلوا مجرّداً مبنيّاً للمفعول، وقرئ قاتلوا { فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ } الى ما ينبغى ان يُهدوا اليه من الكمالات الانسانيّة ودرجات الجنان { وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } حتّى لا يكون حين تلذّ ذاتهم الانسانيّة ما يغيّر حالهم.