التفاسير

< >
عرض

مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
٣٢
-المائدة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ } معناه من اجل قتل قابيل العالم الكبير هابيله الّذى هو دليل قتل قابيل العالم الصّغير هابيله { كَتَبْنَا } اى اثبتنا والزمنا تكويناً { عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } اى على من بقى فى وجوده الانسانيّة وهم بنو العقل الّذى هو اسرائيل، ولمّا كان بنو اسرائيل الشّخصىّ فى العالم الكبير كلّهم او اكثرهم على طريق الحقّ وكان كثير منهم انبياء (ع) وكان هذا الحكم اكثر ظهوراً فيهم كان التّفسير ببنى يعقوب صحيحاً { أَنَّهُ مَن قَتَلَ } فى العالم الكبير { نَفْساً } بازهاق روحه الحيوانىّ او قطع روحه الانسانىّ بدعوته الى الضّلالة وصدّه عن طريق الهداية بمباشرته او بتسبيبه { بِغَيْرِ } قصاص { نَفْسٍ أَوْ } بغير { فَسَادٍ } من المقتول { فِي ٱلأَرْضِ } بقطع طريق ونهب مالٍ واخافةٍ للمسلمين بان يشهر السّيف او يحمله باللّيل الا ان لا يكون من اهل الرّيبة { فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } لانّه ما لم يقتل قابيل وجوده هابيل وجوده ولم يقطع الانسانيّة ولم يفن اناسىّ وجوده لم يرض بقتل نفسٍ، فالقاتل قتل النّاس جميعاً فى وجوده وقتل نفساً بعده فى الخارج، ومن قتل النّاس جميعاً فى وجوده كان كمن قتل النّاس جميعاً فى الخارج، وايضاً من قتل نفساً كان قد قتل وقطع ربّ النّوع فى وجوده، ومن قتل ربّ النّوع كان كمن قتل النّاس جميعاً، واشير فى الخبر الى وجه آخر، وهو انّ فى جهنّم لوادياً من قتل نفساً واحدة ينتهى اليه، ومن قتل جميع النّاس لا يتجاوزه { وَمَنْ أَحْيَاهَا } بانجائها من الهلاك الطّبيعىّ او دعوتها الى هداية واحيائها بالحيوة الانسانيّة الايمانيّة { فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } لانّ احياء النّاس لا يكون الاّ اذا صار قابيل وجوده مبدلاً فى وجوده وصار جميع جنوده احياء بحيوة العقل { وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَاتِ } اى المعجزات او احكام الشّريعة القالبيّة او الدّلائل الدّالّة السمعيّة والعقليّة على هذا الحكم والتغليظ فيه { ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ } من بنى اسرائيل { بَعْدَ ذٰلِكَ } اى بعد مجيء الرّسل بالبيّنات او بعد هذا الحكم او بعدهما { فِي ٱلأَرْضِ } ارض العالم الصّغير او الكبير { لَمُسْرِفُونَ } متجاوزون عن حدود الله بسفك الدّماء واستحلال المحارم وغيرها كما فى الخبر ولمّا ذكر القتل وبالغ فى ذمّ من ارتكبه صار المقام مقام ان يسأل: ما حال من حارب اولياء الله (ع)؟ - فقال تعالى جواباً لهذا السّؤال { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ }