التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٣٣
إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٤
-المائدة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ } بمحاربة اوليائه وعباده المؤمنين { وَرَسُولَهُ } بمحاربة نفسه او خليفته او المؤمنين او بقطع طريقهم او قطع طريق من يريد الرّسول (ص) والامام (ع) واقلّه ان يشهر السّيف لاخافة مؤمن ويحمل السّيف باللّيل الاّ ان لا يكون من اهل الرّيبة { وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً } مفعول مطلق ليسعون من غير فعله او بتقدير مصدرٍ من السّعى، والافساد فى الارض بقطع طريقٍ ونهب مالٍ وقتل نفسٍ { أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ } وقد اختلف الاخبار فى انّ العقوبات مخيّرة او منوطة برأى الامام كيف شاء، او منوطة برأيه لكن بملاحظة الجناية ومقدارها واختياره العقوبة على قدر الجناية، وكذا فى النّفى من الارض بأنّه اخراج من المصر الّذى هو فيه الى مصرٍ آخر، مع انّه يكتب الى ذلك المصر بانّه منفىّ فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه الى سنة، او بأنّه اغراق فى البحر، او بأنّه ايداع فى الحبس { ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ليس المراد بهذه التّوبة هى الّتى بين الله وبين العبد من النّدم على المعصية واجراء لفظ التّوبة على اللّسان، فانّه لا تعلم الا باقرار التّائب واقرار الشّخص غير نافذ فيما هو له، بل فيما هو عليه بل المراد هى الّتى تكون مناط الاسلام او الايمان بقبول الدّعوة الظّاهرة او الدّعوة الباطنة فانّها ليست امراً بين الله وبين العبد فقط، بل لا بدّ فيها من قبول الرّسول (ص) او الامام (ع) توبته والاستغفار له واخذ الميثاق منه، ومن استغفر الرّسول (ص) او الامام له وقبل توبته فهو مغفور له مقبول توبته ومشهود له بالتّوبة، لانّ الاسلام يجبّ ما قبله، ولمّا ذكر حال المحاربين والمفسدين وانّ عقوبتهم فى الدّنيا وفى الآخرة اشدّ عقوبة وانّ من تاب على يد الرّسول (ص) او الامام (ع) وتوسّل بهما الى الله يسقط منه تلك العقوبة العظيمة، صار المقام مناسباً لان ينادى التّائبين على يد محمّد (ص) ويحذّرهم عمّا يوجب تلك العقوبة ويرغّبهم فيما يسقطها فيقول: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا }.