التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٦
-المائدة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } عامّاً او خاصّاً { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } اى اذا قمتم من النّوم كما فى الخبر، واذا اردتم القيام { فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ } وبعد ما مضى فى سورة النّساء لا يتعسّر عليك تعميم الصّلوة ولا تعميم الغسل ولا تعميم سائر اجزاء الآية، والوجه ما يواجه به وهو من قصاص الشّعر الى الّذقن وما دارت منه الابهام والوسطى عليه وما زاد فليس بوجهٍ، وعدم وجوب تخليل الشّعر يمكن استنباطه من عنوان الوجه فانّ ما به التّوجّه هو ظاهر الشّعر لا البشرة المستورة تحته، واليد اسم للعضو المخصوص تطلق على ما دون المنكب وعلى ما دون المرفق وعلى ما دون الزّند فاحتاجت الى التّحديد والبيان، فحدّده بقوله الى المرافق فلفظ الى لانتهاء المغسول لا الغسل فالتّمسّك بها مع احتمال كونها لانتهاء المغسول فى الاستدلال على انتهاء الغسل كما فعلوا خارج عن طريق الاستدلال، والباء للتّبعيض كما وصل الينا من اهل الكتاب واثبت التّبعيض لها كثير منهم وارجلكم بالجرّ عطف على رؤوسكم وبالنّصب على محلّ رؤسكم، وعطفه على وجوهكم مع جواز العطف على رؤسكم فى غاية البعد، غاية الامر انّها فى هذا العطف محتملة مجملة كسائر اجزاء الآية محتاجة الى البيان ولم يكن رأينا مبيّناً للقرآن لاستلزامه التّرجيح بلا مرجّح، بل المبيّن من نصّ الله ورسوله عليه لا من نصبوه لبيانه فانّ نصب شخص انسانىّ لبيان القرآن وخلافة الرّحمن ليس باقلّ من نصب الاصنام لعبادة الانام، او العجل المصنوع للعوام، وتفصيل الوضوء وكيفيّته قد وصل الينا مفصّلاً مبيّناً عن ائمتّنا المنصوصين من الله ورسوله وقد فصّله الفقهاء رضوان الله عليهم فلا حاجة الى التّفصيل ههنا { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ } اى من الصّعيد وقد مضى شرح الآية مفصّلاً فى سورة النّساء فلا حاجة الى التّكرار { مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم } فى الدّين { مِّنْ حَرَجٍ } مفعول يريد محذوف اى ما يريد الامر بالغسل او التّيمم ليجعل عليكم حرجاً او لام ليجعل للتّقوية وما بعده مفعول هو استيناف لبيان وجه تشريع التّيمم { وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } بغسل الاعضاء الباطنة بالتّوبة عند اهله وبغسل الاعضاء الظّاهرة بالماء، فان لم يتيسّر لكم فباظهار الّذلّ والمسكنة والعجز واعلاء تراب الّذلّ على مقاديم نفوسكم وابدانكم وليعدّكم لقبول التّوبة والبيعة الولويّة الّتى هى تمام نعمة الاسلام كما مضى { وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ } الّتى هى الاسلام { عَلَيْكُمْ } بمتمّمه الّّذى هو الولاية والبيعة مع علىّ (ع) { لَعَلَّكُمْ } بعد تمام النّعمة عليكم { تَشْكُرُونَ } المنعم بصرف النّعمة الّتى هى احكام الاسلام القالبيّة واحكام الايمان القلبيّة فى وجهها من صدورها من حضرة العقل ورجوعها اليها، فانّ شكر النّعمة وصرفها فى وجهها لا يحصل الاّ بدخول الايمان فى القلب وفتح بابه الى الملكوت.