التفاسير

< >
عرض

ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ
١
-القمر

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } قد فسّرت السّاعة بساعة ظهور القائم (ع) وبساعة القيامة وبحالة الاحتضار والكلّ يرجع الى امرٍ واحدٍ هو وقت القيام عند الله، ولمّا كان رسول الله (ص) خاتم الرّسل فلا يكون بعده رسولٌ ورسالةٌ لانتهاء مراتب الرّسالة اليه فلا يكون مرتبة من الرّسالة الاّ وهى مجتمعة فى وجوده، كان امّته ايضاً آخر الامم فلا يكون بعد امّته امّة، وقد علمت انّ القيامة ليست فى عرض الزّمان وانّما هى فى طوله فاذا كان امّة محمّدٍ (ص) آخر الامم لم يكن مرتبة زمانيّة بعد مرتبتهم ويكون بعد مرتبتهم الخروج من الزّمان، والخروج من الزّمان هو القيام عند الله فيكون القيامة قريبةً من امّة محمّدٍ (ص) ولذلك ورد عن النّبىّ (ص): "بعثت انا والسّاعة كهاتين" ، وكان (ص) آخر الزّمان وصار بوجوده قيامة ومحشراً كما قال المولوىّ قدّس سرّه:

بس محمد صد قيامت بود نقد زانكه حلّ شد درفنايش حلّ وعقد
زاده ثانيست احمد در جهان صد قيامت بود او اندر عيان
زو قيامت را همى برسيده اند كاى قيامت تا قيامت راه جند
با زبان حال ميكَفتى بسى كه زمحشر حشر را برسد كسى!
بس قيامت شو قيامت را ببين ديدن هرجيز را شرط است اين

{ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } القمر اسم للكوكب الّذى يأخذ النّور من غيره ولا يكون منيراً بنفسه، وهل فى السّماء اقمار عديدة؟ او القمر منحصر فى هذا الكوكب الّذى يدرك انّه مستنيرٌ من الشّمس؟ قيل: وجدوا غير هذا القمر اقماراً اُخر، وفى العالم الصّغير القلب مظهرٌ للقمر، او القمر مظهرٌ للقلب فانّ القلب ايضاً يأخذ النّور من الرّوح ويستنير بنوره، ولمّا كان النّاس قلوبهم ذوات وجهين، وجه الى الرّوح وعالم الوحدة، ووجه الى النّفس وعالم الكثرة، وكان المراعى منهم للطّرفين قليلاً والجامع لكمال الطّرفين اقلّ حتّى انّ الانبياء لم يكونوا كاملين فى الطّرفين بل كانوا ناقصين فى طرف الكثرة او طرف الوحدة، وكان نبيّنا (ص) كاملاً فى الطّرفين حافظاً للجانبين ولذلك نسب اليه انّه قال: كان اخى موسى (ع) عينه اليمنى عمياء، واخى عيسى (ع) عينه اليسرى عمياء، وانا ذو العينين، كان قلب نبيّنا (ص) من بينهم ذا شقّين كاملين، ولمّا كان القمر الصّورىّ مظهراً لقلبه كان لا غرو فى انشقاق القمر الصّورىّ كما نسب الى معجزاته، ولمّا كان انشقاق القمر المعنوىّ الّذى هو قلب النّبىّ (ص) بشقّين متساويين دليلاً على انتهاء مراتب التّجدّد فى وجوده وابتداء الدّهر فى وجوده كان دليلاً على شدّة قرب السّاعة الواقعة فى الدّهر، ولمّا كان انشقاق القمر الصّورىّ دليلاً على انشقاق قلب فاعله بشقّين متساويين كان ذلك ايضاً من اشراط السّاعة، "روى انّه اجتمع المشركون الى رسول الله (ص) فقالوا: ان كنت صادقاً فشقّ لنا القمر فرقتين، فقال لهم: ان فعلت تؤمنوا؟ - قالوا: نعم، وكانت ليلة بدرٍ فسأل ربّه ان يعطيه ما قالوا، فانشقّ القمر فرقتين ورسول الله (ص) ينادى: يا فلان يا فلان اشهدوا" .