التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
-الحديد

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ } لمّا ذكر حال المنافقين ونور المؤمنين وكان النّفاق ينشأ من الوقوف على مرتبةٍ والرّضا بالمقام فيها استبطأ حَركة المؤمنين الى مقاماتهم العالية بنحو يكون تحذيراً من المقام على مراتبهم الحاصلة فانّ الاستفهام ههنا للتّوبيخ والانكار، وقد مضى فى سورة البقرة بيان معنى الخشوع والفرق بينه وبين الخضوع والتّواضع عند قوله تعالى: { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ } [البقرة:45]، والمراد بذكر الله هو الذّكر المأخوذ من صاحب الذّكر، او تذكّر الله وتذكّر عظمته، او صاحب الذّكر الّذى هو علىّ (ع) ببشريّته، او هو صاحب الذّكر بمقام نورانيّته { وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ } من آيات القرآن، او احكام الرّسالة، او قرآن ولاية علىٍّ (ع)، او الواردات الآفاقيّة، او الانفسيّة { وَلاَ يَكُونُواْ } قرئ بالغيبة ويكون نفياً وعطفاً على تخشع او نهياً وعطفاً على الم يأن باعتبار المعنى كأنّه قال: لا يقف المؤمنون على مقامهم ولا يكونوا، وقرئ بالخطاب نفياً وعطفاً على تخشع ويكون التفاتاً من الغيبة ونهياً وعطفاً باعتبار المعنى ويكون التفاتاً والتّقدير لا يقفوا ولا يكونوا { كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ } الزّمان اى طال زمان وقوفهم على مقامهم الحاصل لهم من دون التّرقّى الى المقامات المفقودة عنهم { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } يعنى صار كثير مهم منافقين فصاروا فاسقين خارجين من حكم امامهم، روى عن الصّادق (ع) انّ هذه الآية يعنى ولا تكونوا فى القائم (ع) والمعنى انّها نزلت فى المؤمنين بالغيبة فانّ الله حذّرهم ان يصيروا بسبب الوقوف على مقام واحدٍ وعدم الخروج الى المقامات العالية منافقين مثل المنافقين الّذين كانوا فى زمان محمّد (ص) ونافقوا بسبب الوقوف وعدم الخروج، فانّهم اوتوا كتاب النّبوّة وقبلوها قبلهم.