التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ
١٨
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ
١٩
-الحديد

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ } قرئ بتشديد الصّاد من التّفعّل بمعنى الّذين يعطون الصّدقات، وقرئ بتخفيف الصّاد من التّفعيل بمعنى الّذين صدقوا الله ورسوله { وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ } جملة حاليّة او معترضة او معطوفة على صلة الالف واللاّم، وعلى اىّ تقديرٍ هو تقييد للتّصدّق ان كان بمعنى الانفاق المطلق، او تأكيدٌ له ان كان بمعنى الانفاق لوجه الله، او يكون المراد بالتّصدّق الانفاق على الفقراء، وباقراض الله صلة الامام (ع)، وعلى قراءة تخفيف الصّاد يكون عطفاً وبمنزلة ان يقال: انّ الّذين آمنوا وانفقوا، وعلى قراءة تشديد الصّاد يكون قوله: انّ المصّدّقين والمصّدّقات واقرضوا الله { قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } بمنزلة انّ الّذين يعطون الزّكاة وبياناً لجزاء الانفاق ويكون قوله { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ } بياناً لجزاء الايمان وبعبارةٍ اخرى انّ المصدّقين بيان لجزاء القوّة العمّالة وانّ الّذين آمنوا بيانٌ لجزاء القوّة العلاّمة، وبعبارةٍ اخرى الاوّل بيان لجزاء الزّكاة، والثّانى بيان لجزاء الصّلاة وترجيح لجانب القوّة العلاّمة والصّلاة على القوّة العمّالة والزّكاة فانّ قوله تعالى اولئك هم الصّدّيقون { وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ } لحصر كمال الصّدق والشّهادة فيهم وقوله تعالى { لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } تفخيمٌ لاجرهم ونورهم باضافتهما اليهم بمعنى انّ اجرهم لا يمكن معرفته الاّ باضافته اليهم، وقيل: انّ الشّهداء مبتدء وخبره لهم اجرهم، وعن الباقر (ع) انّه قال: العارف منكم هذا الامر المنتظر له المحتسب فيه الخير كمن جاهدوا لله مع القائم (ع) بسيفه ثمّ قال: بل والله كمن جاهد مع رسول الله (ص) بسيفه، ثمّ قال الثّالثة: بل والله كمن استشهد مع رسول الله (ص) فى فسطاطه، وفيكم آية من كتاب الله قيل: واىّ آية؟ - قال: قول الله والّذين آمنوا بالله ورسله (الآية) ثمّ قال: صرتم والله صادقين شهداء عند ربّكم، والاخبار الواردة بهذا المضمون يعنى تخصيص الصّدّيقين والشّهداء بشيعتهم كثيرة، وفى هذا الخبر غنية عن نقلها، وروى عن امير المؤمنين (ع) انّه لمّا قتل يوم النّهر وان الخوارج قام اليه رجلٌ، فقال: يا امير المؤمنين (ع) طوبى لنا اذ شهدنا معك هذا الموقف وقتلنا معك هؤلاء الخوارج، فقال امير المؤمنين (ع): والّذى فلق الحبّة وبرأ النّسمة لقد شهدنا فى هذا الموقف اناس لم يخلق الله آباءهم ولا اجدادهم بعدُ، فقال الرّجل: وكيف شهدنا قوم لم يخلقوا؟ - قال: بل قوم يكونون فى آخر الزّمان يشركوننا فيما نحن فيه ويسلّمون لنا فاولئك شركاؤنا فيه حقّاً حقّاً { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } مقابل الّذين آمنوا بالله ورسله.