التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
-الحديد

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بعد ما مدح المؤمنين من اهل الكتاب وذمّ الّذين بقوا على صورة ملّتهم ولم يؤمنوا بمحمّدٍ (ص) بقوله: وكثير منهم فاسقون نادى مطلق من آمن بمحمّدٍ (ص) بالبيعة العامّة النّبويّة، او نادى المؤمنين بمحمّدٍ (ص) من اهل الكتاب بالبيعة العامّة وقال: لو كان يكفى للنّجاة الاسلام الحاصل بالبيعة العامّة وقبول الملّة لكان يكفى اهل الكتاب قبول ملّتهم ولم يكونوا يسمّون فاسقين فلا تقفوا انتم ايّها المؤمنون على صورة ملّة محمّدٍ (ص) ولا تكتفوا بالبيعة العامّة بل { ٱتَّقُواْ } فى جميع اوامره ونواهيه او اتّقوا الله فى مخالفة الرّسول (ص) ومخالفة قوله فى علىٍّ (ع) { وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ } بالايمان الحقيقىّ الّذى يحصل بالبيعة الخاصّة الولويّة { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } نصيبين { مِن رَّحْمَتِهِ } نصيباً على قبول الرّسالة ونصيباً على قبول الولاية، وبعبارةٍ اخرى نصيباً على البيعة العامّة ونصيباً على البيعة الخاصّة، وبعبارةٍ اخرى نصيباً على الاسلام ونصيباً على الايمان، وبعبارةٍ اخرى نصيباً فى مقام النّفس الانسانيّة ونصيباً فى مقام القلب، وبعبارةٍ اخرى نصيباً من جنّات النّعيم ونصيباً من جنّة الرّضوان، وبعبارةٍ اخرى نصيباً للقوّة العمّالة ونصيباً للقوّة العلاّمة { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } والمقصود من النّور هو صورة ولىّ الامر الّذى يدخل بالبيعة الخاصّة فى قلب البائع المعبّر عنه بالايمان الدّاخل فى القلب واذا خرج تلك الصّورة من حجب الاهواء والتّعلّقات ظهر نورها بحيث كان الانسان يستغنى من نور الشّمس واشرقت الارض بنور ربّها اشارة الى ظهور تلك الصّورة ومعرفة علىٍّ (ع) بالنّورانيّة الّتى هى معرفة الله، وليست الاّ للمؤمن الممتحن قلبه للايمان عبارة عن ظهور هذه الصّورة، واذا خلعت تلك الصّورة من حجب النّفس وتعلّقاتها استغنى صاحبها من كلّ ما سواها وكانت تلك الصّورة قرينةً للنّصر ونزول الملائكة، وظهور تلك الصّورة هى نزول السّكينة ولذلك قال: نوراً تمشون به فى النّاس فانّ تلك الصّورة هى الفعليّة الاخيرة للانسان وجميع افعال الشّيء تكون بفعليّته الاخيرة فيجعل الله بتلك البيعة نوراً مختفياً او ظاهراً يكون جميع حركاته وسكناته وعباداته ومكاسبه بذلك النّور { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } بذلك النّور فانّ هذا النّور هو باعث غفران الله، فانّ الله يستحيى ان يعذّب امّة دانت بامامة امامٍ عادلٍ من الله وان كانت الامّة فى اعمالها فجرةً { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } سجيّته المغفرة سواء كان لها باعث او لم يكن، فمن كان له مادّة المغفرة الّتى هى الولاية كان مغفوراً لا محالة { رَّحِيمٌ } سجّيّته الرّحمة سواء كان لها باعث او لم يكن، وقد فسّر النّور بالامام الّذى يأتمّون به، وروى عن الصّادق (ع) انّه قال: كفلين من رحمته الحسن (ع) والحسين (ع) ونوراً تمشون به يعنى اماماً يأتمّون به، وفى روايةٍ والنّور علىّ (ع).