التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٠
-المجادلة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ } اى مطلق التّناجى بان حكم على الجنس بحكم اكثر الافراد واللاّم للتّعريف يعنى النّجوى المذكورة وهى النّجوى بالاثم والعدوان ومعصية الرّسول (ص)، او هى نجوى فاطمة سلام الله عليها ورؤياها كما سنذكر فى نزول الآية ان شاء الله { لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ } اى الشّيطان او التّناجى { بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } ولا يحزنوا بنجوى المنافقين، او بنجوى اليهود، او بالاحلام والرّؤيا الّتى يرونها ويحزنون بها، وقد مضى فى سورة البقرة عند قوله تعالى { { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } [البقرة:253] ما يبيّن به عدم اضرار الشّيطان الاّ باذن الله، وفسّر النّجوى ههنا بالرّؤيا الكريهة روى عن النّبىّ (ص) انّه قال: "اذا كنتم ثلاثةً فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فانّ ذلك يحزنه" ، وعن الصّادق (ع) انّه كان سبب نزول هذه الآية انّ فاطمة (ع) رأت فى منامها انّ رسول الله (ص) همّ ان يخرج هو وفاطمة (ع) وعلىّ (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) من المدينة فخرجوا حتّى جازوا من حيطان المدينة فعرض لهم طريقان، فأخذ رسول الله (ص) ذات اليمين حتّى انتهى الى موضعٍ فيه نخلٌ وماءٌ، فاشترى رسول الله (ص) شاة درّاء وهى الّتى فى احدى اذنيها نقط بيض فامر بذبحها، فلمّا اكلوا ماتوا فى مكانهم، فانتبهت فاطمة (ع) باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله (ص) بذلك فلمّا اصبحت جاء رسول الله (ص) بحمار فاركب عليه فاطمة (ع) وامر ان يخرج امير المؤمنين (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) من المدينة كما رأت فاطمة (ع) فى نومها، فلمّا خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول الله (ص) ذات اليمين كما رأت فاطمة (ع) حتّى انتهوا الى موضعٍ فيه نخل وماء، فاشترى رسول الله (ص) شاةً درّاء كما رأت فاطمة (ع) فأمر بذبحها فذبحت وشويت، فلمّا ارادوا اكلها قامت فاطمة (ع) وتنحّت ناحيةً منهم تبكى مخافة ان يموتوا، فطلبها رسول الله (ص) حتّى وقع عليها وهى تبكى فقال: ما شأنك يا بنيّة؟ - قالت: يا رسول الله (ص) رأيت البارحة كذا وكذا فى نومى وقد فعلت انت كما رأيته فتنحّيت عنكم لئلاّ اراكم تموتون فقام رسول الله (ص) فصلّى ركعتين ثمّ ناجى ربّه فنزل عليه جبرئيل فقال: يا محمّد (ص) هذا شيطانٌ يقال له الزّها وهو الّذى ارى فاطمة (ع) هذه الرّؤيا ويؤذى المؤمنين فى نومهم ما يغتمّون به، فأمر جبرئيل فجاء به الى رسول الله (ص) فقال له: انت الّذى اريت فاطمة (ع) هذه الرّؤيا؟ - فقال: نعم يا محمّد (ص)، فبزق عليه ثلاث بزقاتٍ قبيحة فى ثلاث مواضع ثمّ قال جبرئيل لمحمّدٍ (ص) يا محمّد اذا رأيت شيئاً فى منامك تكرهه او رأى احد من المؤمنين فليقل: اعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقرّبون وانبياء الله المرسلون وعباده الصّالحون من شرّ ما رأيت من رؤياى، ويقرء الحمد والمعوّذتين وقل هو الله احد ويتفل عن يساره ثلاث تفلاتٍ فانّه لا يضرّه ما رأى، فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله (ص): { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ } (الآية)، وعنه (ص): "اذا أرى الرّجل منكم ما يكره فى منامه فليتحوّل عن شقّه الّذى كان عليه نائماً وليقل: انّما النّجوى من الشّيطان ليحزن الّذين آمنوا وليس بضارّهم شيئاً الاّ باذن الله ثمّ ليقل: عذت بما عاذت به ملائكة الله المقرّبون وانبياؤه المرسلون وعباده الصّالحون من شرّ ما رأيت ومن شرّ الشّيطان الرّجيم" ، والمقصود من جميع تلك الآيات منافقوا الامّة وان كان النّزول فى غيرهم.