التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
-المجادلة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } لمّا كان هذا الادب مكروهاً لاكثر النّفوس صدّره بالنّداء.
اعلم، انّ المناجاة ههنا اعمّ من المسارّة والمحاورة والمسائلة الجهريّة وانّ المتحاورين اذا لم يكونا متناسبين لم تكن المحاورة بينهما مؤثّرة فى جانب الآخرة ولا مورثة للتّوافق ولا لنجح المسؤل فانّ المحاورة مع الرّسول (ص) من حيث انّه رسول لا تكون الاّ فى امور الآخرة وينبغى ان تكون مقرّبة اليها، واذا لم تكن بين المناجى والرّسول (ص) مناسبة لم تكن مناجاته مؤثّرة ولا مقرّبة الى الآخرة بل كانت مؤثّرة فى عكس المراد ومبعّدة من الآخرة والرّسول (ص) لانّه كما فى الخبر لا يجلس اثنان الاّ ويقومان بزيادةٍ او نقيصةٍ، الم يكن ابو جهل يحاور كثيراً الرّسول (ص) ولم تكن محاورته مؤثّرة بل كانت مبعّدة، فالرّبّ تعالى بكمال رأفته امر العباد بتقديم الصّدقة الّتى هى كناية عن كسر الانانيّة الّتى هى ضدّ للرّسول (ص) ومشّاقة له حتّى يوافق المناجى له بعض الموافقة فيتأثّر من محاورته على انّ فى التّصدّق بأمر الله تعالى نفعاً للفقراء ومسّاً ليد الرّسول (ص) وتعظيماً له وامتثالاً لامر الله تعالى وكسر الانانيّة الّتى هى شبكة الشّيطان واعظم معصيةٍ للانسان وتمييزاً للمخلص عن غيره، روى عن علىٍّ (ع) انّه قال فى كتاب الله لايةً ما عمل بها احد قبلى ولا يعمل بها احد بعدى، آية النّجوى انّه كان لى دينار فبعته بعشرة دراهم فجعلت اقدّم بين يدى كلّ ندوى اناجيها النّبىّ (ص) درهماً قال: فنسخها قوله ااشفقتم (الى قوله) خبير بما تعملون { ذَلِكَ } التّصدّق او التّناجى { خَيْرٌ لَّكُمْ } لانّه ادخل فى النّجح وفى التّأثّر بمحاورة الرّسول (ص) { وَأَطْهَرُ } لانفسكم من رجس الانانيّة وحبّ المال والرّغبة فى الدّنيا { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ } صدقة تقدّموها امام نجويكم فلا يضرّكم عدم التّقديم { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } يغفر بفضله رجس انانيّاتكم وان لم تتصدّقوا صدقة فيها كسرها { رَّحِيمٌ } يرحمكم بنجح مسؤلكم وتأثّركم بمحاورة الرّسول (ص) بدون التّصدّق.